رئيس التحرير
عصام كامل
Advertisements
Advertisements
Advertisements

هل وجَعَك ضميرك اليوم؟!


بعد مرور نحو خمسة أشهر على 25 يناير2011.. كان انطباعى الشخصى أن الضباب يلف المشهد بأكمله، وكل الطرق بلا علامات استرشادية.. وطفتْ على السطح التحولات المذهلة والسريعة في مواقف رموز السياسة والإعلام والنخب بل ورجال الدين.. الصورة كلها لا تبعث على الارتياح.. وقتها استضافنى الإعلامي المعروف معتز الدمرداش في إحدى حلقات برنامجه، وكانت أزمة ارتباك الحياة قد زحفت بكل قوة وعنف.. وسألنى برأيك أين الأزمة بالتحديد في مصر؟.. قلت له "الضمير".. وانتهى اللقاء.


عندما يصبح كل شىء مباحًا..شهادة الزور..الكذب..الخيانة.. عندما يجذبك لون الدم كما يجذبك لون فستان بائعة هوى..عندما يكون الحلال حرامًا والحرام حلالًا..وعندما يُطرَح لحم البشر على موائد آكلى لحوم البشر.. تأكد أن الإنسانية فقدت ضميرها.. عندما تجد من مدحك في المساء يبصق عليك في الصباح.. فتِّش عن ضميره.

كلام جميل قرأته يقول.. حين يموت الضمير يصبح الأنين الآدمى كمعزوفة رومانسة من قيثارة فريدة..وأصوات المدافع كقرع الطبول..وهدم المساجد والكنائس على المصلين..وتدمير المنازل على رءوس أصحابها كمشاهدة فيلم أمريكى مثير..حين يموت الضمير تهاجر الحمامات البيضاء، ولا يبقى في الجو إلا غربان تنعق صباحًا ومساءً.. ملحوظة: "الحمامات البيضاء هي الحمامات الحقيقية، وليس ما يدور برأسك أيها الخبيث.. وعلى أي حال أنت وضميرك".

السؤال.. ما ذلك الذي يموت ويحيا ويدعى الضمير؟!
الضمير إحساس يولد معنا..عند البعض يضمر..وعند البعض يتلاشى..وعند البعض يتضخم..والنوع الأخير هو الذي لا يحتمل سخافات وحماقات البشر بل وحماقته هو نفسه..هكذا يقول المفكر الفرنسى "ديبوى لاروش" في كتابه "ماذا يعنى الضمير؟".

والواقع أن الضمير مسألة نسبية.. ويمكن القول إنه المعيار أو الميزان الحساس الذي نزن به سلوكياتنا تجاه أنفسنا وتجاه الآخرين..وكما يقول شاعر الحرية الكاميرونى "مامادو بونجو" "لاتنظر إلى لونى بل انظر إلى ضميرى، وإذا لم يعجبك لونى فأنا متأكد أن ضميرى سيبهرك"..هكذا عبر شاعر الحرية الأفريقى بونجو عن نسبية النظرة إلى الضمير، وأن النظرة للوهلة الأولى عادة ما تكون خادعة؛ ما يستوجب الترَوِّى وعدم التسرع في إطلاق الأحكام على الآخر..وهنا أنتقل إلى عالم النفس الصيني "يان شو ليان" الذي يقول إن الضمير كائن حى يتألم ويحزن وتنفرج أساريره.

عزيزى القارئ.. لقد وخزَنى ضميرى بشدة ولا أدرى كيف أنام..ولهذا سأطرح عليك الحقيقة كاملة، وأعتَرِف أن المفكر الفرنسى والشاعر الكاميرونى وعالم النفس الصينى، المذكورين أعلاه، لاوجود لهم على الإطلاق، بل هي أسماء هجايص قمت بتأليفها من العدم..بس بذمتك وضميرك..ألا يوجد نخبويون نصابون يكتبون بهذه الطريقة..ويحصلون على جوائز الدولة؟!
Advertisements
الجريدة الرسمية