رئيس التحرير
عصام كامل

ليس شعبا واحدا بل شعوبا!


تبدأ الكارثة في السياسة المصرية عندما يظن كل فرد أن فصيله الذي ينتمى إليه هو فقط الموجود على الساحة ويتجاهل أو يتناسى وربما يتغابى ويتعامى أيضا عن الآخرين، لا يا سيدى مصر بها أطياف كثيرة سياسية لكن بها أطياف اجتماعية وبيئية أكثر وإذا كان البعض قد هاجم الفنان على الحجار من قبل عندما غنى ( إحنا شعب وأنتم شعب ) بدعوى نشر الفرقه بين المصريين فإننى ألوم على كاتب كلمات الأغنية من ناحية أخرى !


فنحن فصائل متعددة وطبقات مختلفة تحت اسم شعب.... شعب واحد عرقيا نعم ولكنه لا يجد ما يجمعه سوى المشاعر الوطنية التي أخشى ضياعها وسط حالات القهر المجتمعى التي يمارسها النظام بالتعاون مع فصيله الذي يسانده ويؤيده وفي مقابل تدليل النظام له والحرص على مصالحه وتنميتها، وعلى من يريد التعرف على ( الشعوب ) الكثيرة المتنوعة والمنبثقة عن الشعب المصرى فلينزل سيادته إلى الشارع وإلى الأسواق وإلى الحوارى الشعبية وإلى وسائل المواصلات العامة وليستمع فقط لما يقوله نوع واحد من الشعب وسيسمع ويرى العجب الذي لا تجرؤ قناة فضائية خاصة أو حكومية على نقله.

شعب المقهورين والفقراء والمعوذين لا يشعر به الكثيرون رغم وجوده الفعلى الأكبر بين المصريين وذلك لسبب بسيط وهو أن الشىء عندما ينتشر ويصير معتادا لا يشعر به أحد، مثلا ملايين الطلاب في المدارس الحكومية، ما يقرب من 17 مليون طالب، لا يجد وزير التعليم الحالى أو السابق من يتحدث عنهم، بل إن جل اهتمامه بالمدارس الخاصة التي رفع بنفسه مصروفاتها المبالغ فيها ثم بعد شكوى بعض الأغنياء من مضاعفة مصروفاتها انتفض وحول اهتمام الوزارة بأكملها لأبناء الأغنياء ونسى تماما الـ17 مليون طالب الذين سينتظمون في مدارسهم المتهالكه غدا !

الرجل متوافق تمام مع نظامه الذي يهتم بالأغنياء، فإذا مرضت شخصية عامة أو مشهورة تحابى النظام أو تغنى له وعلينا مثلا، تجد الرئاسة ترسل لها أطباء خصوصين وتنقلها للمستشفيات الفندقية وعلى نفقة الدولة رغم ثراء هؤلاء، بينما المرضى يموتون على الرصيف وأمام المستشفيات الحكومية لأنهم ببساطة فقراء ولا ينتمون لشعب الأغنياء.

نعم الرب واحد واللغة واحدة ولكن.... المصالح تتصالح مع بعضها مكونة أكبر لوبى متماسك في العالم بين الأغنياء، فمثلا تجد أسعد الناس برفع الدعم رجال الأعمال وتابعيهم من التجار وحتى المتسلقين طبقيا من شركات النقل وصولا لمن يمتلك سيارة نقل بضائع، لأنه مع زيادة سعر الوقود أو الكهرباء أو المياه يقوم سيادته بمضاعفة سعر سلعته أو خدمته التي يقوم بها للمصريين.... لذا تجد هؤلاء دوما في صف النظام منذ عهد السادات بانفتاحه الأحمق القمىء وحتى يومنا هذا مكونين شعباجديدا قوامه المصالح ويتولد عنه شعب آخر يشترى المناصب بالمال والسطو وكل أشكال الفساد التي تتكالب جميعها على شعب الفقراء انتهاكا واستغلالًا لضعفهم فلا يجدون منظومة سوى التحسر والدعاء واللجوء لله أو لبعض المشايخ ممن يتاجرون بالدين.

وهؤلاء شعب آخر بحق قوامه الإخوان والسلفيين وباقى منظومة الإسلام السياسي والتي وجدت وطنها وشعبها في جماعتها، فهى الممول والمربى والسياسي الذي يأتمرون بأمره وينقادون تحت إمرته لتوفيرها الوطن البديل.

يتميز الشعب الأخير بالبرجماتية الشديدة فهو يتوافق مع النظام الذي يسمح له بالتواجد واقتسام جزء من كعكة المصاح حتى ولو كانت صغيرة، فحتما ستكبر مع الزمن ولكن تعامل قياداته الأخيرة مع النظام ومحاولتهم نيل كل شىء أضاع عليهم كل شىء ليتركهم حقا في جيتو منغلق كارهين للوطن كعادتهم ولباقى الشعوب التي تحيا بجوارهم في نفس الوطن الذي لا يعترفون به!
fotuheng@gmail.com
الجريدة الرسمية