رئيس التحرير
عصام كامل

خيانة أمي

فيتو

أصوات ضحكاتها العالية الطفولية هي ما جذبها إليهم.. في مدرج الكلية التي جمعتهمم معا، فكم هي شخصية بريئة متفائلة خفيفة الظل، نظراتها الطفولية وأفعالها الصبيانية أجبرتهم أن يقتربوا منها ليعرفوها أكثر، وهاهي ترحب بصداقتهن بمنتهى البراءة حتى أصبحوا شلة الأنس والفرفشة بالكلية..


وقبل امتحانات النصف الأخير من السنة قرروا أن يجتمعوا في منزلها للمذاكرة ومراجهة نهاية العام، وكان اختيارهم لمنزلها لأنها وحيدة، تحيا مع أمها فقط، بعد أن انفصلت أمها عن أبيها وهى في الثانية من عمرها ولم تر أباها منذ هذا الوقت، وكانت الصدمة عندما ذهبوا إلى بيتها، فأم هذه الفراشة الطيبة لم تكن بنفس الطيبة والبراءة، فوجودهم مع ابنتها الوحيدة كان يزعجها جدا ليس خوفًا على اخلاق ابنتها لكن خوفًا على سرقة قلب ابنتها التي قررت أن تمتلكه بمفردها ولا يشاركها فيه أحد..

كانت تبذل قصارى جهدها لتبعدهم عن وحيدتها أو ملكيتها الخاصة تعاملت معهم بعجرفة وقلة ذوق، ولكنهم حبا في صديقتهم تحملوها وحاولوا أن يتجاوزوا عن سوء تصرفاتها معهم ورغم أنهم شلة واحدة وينطلقون معًا في كل مكان إلا أنها كانت أكثر قربًا لواحدة منهم ارتاحت لوجودها في حياتها وشعرت معها بالأمان الذي جعلها ترمى بكل حمولها على صدر صديقتها فذهبت تسرد لها اسرارها ومعاناتها مع امها المتسلطة العصبية التي تطيح وتكسر كل ما تصل إليها يدها عند الغضب، ولا ترى أي شيء صح إلا ما تقرره هي وما تراه هي. 

وكانت صديقتها خير سند لها وخير أمين على اسرارها وحياتها، وقررت أن تقف بجانبها وتكون لها اختها التي لم تنجبها أمها، واختصرت هذه الفراشه كل احلامها في عش صغير دافئ تعيش فيه مع شخص حنون راق يعوضها عن الأمان الذي فقدته بغياب ابيها وعن الحنان الذي لم تشعر به لأنها وحيدة.

لم تكن تحتاج زوج فقط فهى تحتاج أبا وأخا وصديقا ورجلا للأسف يحميها من بطش امها بحياتها، وفعلا تمت خطبتها في السنة الثانية من الجامعة وكانت تتطاير في الهواء من الفرحة فهو فتى أحلامها كما تمنت، طيب مهذب راق ومثقف وكانت تتطلع لإتمام الزواج بسرعة شديدة فهو الغوث لها من حياتها البائسة مع أمها، وفعلا تم الزواج وكانت كل صديقاتها بجانبها يوم الفرح يرقصن ويمرحن معها ويشاركنها اجمل لحظات عمرها..

ورغم انشغال كل صديقاتها في الفرح بالرقص والمغنى، إلا أن صديقتها المقربة ذهبت بعيدا تنظر إليها في قلق وحيرة متسائلة ترى هل ستستكثر عليها الحياة هذه الفرحة أم ستحتضنها بحب أخيرا بعد كل هذا الجفاء؟!!

وأكدت الأيام ظنها وخوفها، فبعد أسبوع من الزواج اجتمع صديقاتها في بيتها لتهنئتها وكانت امها في استقبالهن وإذا بصديقتها المقربة تكتشف أن امها لم تتركها بمفردها من يوم الفرح فقد تركت شقتها وذهبت للحياة معهم، وهنا ازداد قلقها على صديقتها فتسلط هذه الأم ممكن أن يحول حياة صديقتها إلى ماساة، وهاقد تم ما توقعت بدأت أمها في ذلك اليوم تتعامل مع صديقات ابنتها بأسلوب منفر ومنتقد وبدأت تشعر بالغيرة على زوج ابنتها من صديقاتها وتحاول أن تبعده عنهن كلما سنحت الفرصة ليجلسوا معًا ويتحاوروا..

وشعرت صديقاتها بضيق شديد فهم من بيوت كريمة ويمتزن بحسن الخلق فكيف لها أن تتخيل انهن سوف زوج ابنتها؟ ولم تتحمل كبرياؤهن هذا الفعل المشين وقررن أن ينفصلن عن صديقتهن ويبتعدن عنها نهائيًا حتى تهنأ أمها وتهدأ، وبكت الابنة لصديقتها المقربة وطلبت منها ألا تبتعد عنها حتى لا تعود لوحدتها مرة ثانية..

وكانت تمتاز الصديقة بالعقل وحسن التصرف ولم ترض أن تحمل صديقتها اوزار أمها وقررت أن تبقى بجانبها للنهاية مهما فعلت أمها، وفرحت البنت جدا بقرار صديقتها ووعدتها أن تحميها من بطش امها بها لكن لم ترض الأيام عن هذا القرار وها أمها بدأت تزرع الشك في قلب ابنتها في كل امرأة تدخل شقتها أو تقترب من زوجها حتى اقرب الأقربين فكانت نظرتها وفكرها واحد كلهن يردن خطف زوج ابنتها حتى المتزوجات منهن، وبدأ كل من حولها ينفرون من تصرفات ألأم وينئون بنفسهم جانبًا حتى يحموا أنفسهم من اتهاماتها الباطلة التي كادت بها أن تفرق بين ازواج وزوجات في العائلة.

وبعد أن نجحت في أن تصرف كل الناس بعيد عن ابنتها وزوجها قررت التفرغ لإنهاء وجود صديقة ابنتها المقربة من حياتها وبدأت خطتها في زرع الشك في قلب ابنتها من صديقتها حتى حولت حياة ابنتها إلى مأساة فكل من حولها يريدون خيانتها وزوجها غير وفى ولم يخلص لها وتحولت ضحكاتها إلى صرخات ونحيب وتحول البيت الجميل إلى سجن تندد حيطانه بالتخبط والحزن والشك، ولم تستطع صديقتها مع هذه الحملة الشديدة عليها أن تصمد في وجه هذه المرأة فقررت الهروب والابتعاد عن صديقتها حماية لكرامتها وحفاظًا على ما تبقى من حب لصديقتها في قلبها، وفعلا تفرقا ومرت سنون..

وفجأة وجدت صديقتها تتصل بها وتستغيث بها وتريد مقابلتها ضرورى رغم انه مر على فراقهما اكثر من ثلاث سنوات، فهرولت إليها صديقتها لتعلم ماذا حل بها، وإذا بها تصدمها بخبر طلاقها، فقد ضاق زوجها بتصرفات امها ولم يعد يحتمل هذه الحياة الكئيبة مع امرأة مريضة، ولكن المصيبة الأكبر كانت في اعتراف زوجها لها قبل الطلاق، فقد اضطر لكى يثبت براءته أمام زوجته أن يعترف لها بأن المرأة الوحيدة في حياتها التي حاولت خيانتها معه هي أمها !!..

نعم كانت أمها تحبه وتتمنى فراق ابنتها عنه لكى تمتلكه هي لنفسها، ولم تستطع الصديقة أن تتمالك نفسها من هول الصدمة، ولم تجد كلمات تسعفها في هذا الموقف فالتزمت الصمت، إلا أن التساؤلات كادت أن تخنقها من الداخل ترى هل كل الجنة تحت اقدام الأمهات؟!! وهل هذه الأم من الذين قال فيهم المصطفى عليه افضل الصلاة والسلام أمك ثم أمك ثم أمك؟ وهل هذه من الذين قال فيهم الحق عز وجل "وصاحبهما في الدنيا معروفًا" ؟ لم تستطع الإجابة ولم أستطع الإجابة، لذا قررت أن أذهب لأستنشق هواء نظيفا طاهرا واترك لكم انتم الإجابة....
الجريدة الرسمية