رئيس التحرير
عصام كامل

د. مسلم شلتوت: مبارك لم يكن مقتنعا بأهمية البحث العلمى (2 – 2)

فيتو

  • من الغباء أن نقول «لا صوت يعلو فوق صوت المعركة»
  • لا يجب التحجج بحروبنا مع إسرائيل كسبب لتخلف البحث العلمى
  • غياب الإرادة السياسية وراء انهيار منظومة البحث العلمى 
  • في إسرائيل على استعداد لأن «يأكلوا عيش حاف» مقابل البحث العلمى 
  • إنتاج إسرئيل في البحث العلمى يفوق إنتاج الدول الإسلامية مجتمعة
  • دور أبحاث الفضاء في مشروع تنمية قناة السويس هام جدا
  • يمكن توليد «الهيدروجين» بالطاقة الشمسية 
  • مياه «بحيرة ناصر» أمل مصر في السنوات القادمة 

حوار: شيماء مفتاح – عدسة:مصطفى صدقى

تم إدراج اسمه ضمن موسوعة الشخصيات البارزة في تاريخ مصر تقديرا لنجاحه في إعداد أول أطلس للإشعاع الشمسي في مصر،كما اختير ضمن أفضل علماء القرن العشرين في الموسوعة البريطانية.

إنه د. مسلم شلتوت أستاذ بحوث الشمس والفضاء، ورئيس بحوث البيئة الفضائية ببرنامج الفضاء المصرى الذي يواصل في الجزء الثانى من حواره ل"فيتو" حديثه عن البحث العلمى وسبل تطويره مؤكدا أن غياب الإرادة السياسية هو سبب انهيار منظومة البحث العلمى.
وتحدث أستاذ بحوث الشمس عن مشروع توليد الهيدروجين بالطاقة الشمسية ومياه بحيرة ناصر، مؤكدا أنه أهم بدائل الطاقة الجديدة والمتجددة للخروج من أزمة الطاقة التي تمر بها مصر 

*كيف يمكن تحسين منظومة البحث العلمى في مصر ؟

للاسف تحولت مراكز البحوث ومعاهد البحوث في مصر إلى مجرد جامعة لعمل ابحاث لتحصل على الترقية، ولتحسين أوضاع البحث العلمى لابد من وجود إرادة سياسية قوية ومخلصة واظن أن مشكلة مصر خلال ال 30 سنة من عام 1981 وحتى 2011 أن القيادة السياسة نفسها لم تكن مؤمنة بالبحث العلمى، وهذا يرجع إلى قصور فكرهم وثقافاتهم ولكن لو تعدينا تلك المرحلة فلابد لنجاح البحث العلمى من وجود إرادة سياسية قوية، في كل انحاء العالم سواء في تجربة الصين أو الهند أو البرازيل والارجنتين وجدنا أن النجاح يبدأ من القيادة السياسية القوية، أن تكون منتجا للبحث العلمى وليس مجرد مستخدم لتكنولوجيا الدول الكبرى المصنعة لها،فلابد أن يكون البحث العلمى غير مرتبط باى هزات داخلية أو خارجية، والهزات الداخلية اعنى بها الثورات فلا اريد أن اسمع أن أسباب هذه المشكلة قيام ثورتين في مصر لأن هناك ثوابت ومشاريع قومية لابد أن نستمر بها مهما كانت الهزات الداخلية.
والهزات الخارجية اقصد بها حروبنا مع اسرئيل، فلا يجب التحجج بحروبنا المتكررة مع اسرئيل كأحد أسباب تخلف البحث العلمى لأن إسرائيل تقدمت كثيرا رغم حروبها مع العرب لأنها اعتمدت على نفسها تكنولوجيا وعلميا.
وهذا ياخذنا للنقطة الثانية لتحسين أداء البحث العلمى وهو التمويل القوى فبالنظر لتجربة اسرئيل نجد انهم كانوا على اتم استعداد لأن «يأكلوا عيش حاف» مقابل توفير 2.5 أو 3% من الدخل القومى الاسرئيلى للانفاق على البحث العلمى ولذلك إنتاج اسرئيل في البحث العلمى يفوق إنتاج الدول الإسلامية مجتمعة حسب المجلات العلمية العالمية.
ولا يجب أن نقول «لاصوت يعلو فوق صوت المعركة»لأن ذلك غباء، فمصر قبل حرب 67 كانت تنفق 1 % من دخلها القومى على البحث العلمى لذلك كان مستوى البحوث المنشورة في المجلات الدولية افضل من المستوى الحالى بكثير فالمعمل الذي درست فيه البكالوريوس معهد الطببعة النووية والفيزياء الذرية كان بالضبط مثل المعمل الذي يدرس فيه زميلى في جامعة لندن ليحصل على درجة البكالوريوس ولكن الآن وبعد اربعين عاما من 67 وحتى الآن بقى هذا المعمل كما هو، ومثلما تم وقف مشروع المفاعلات النووية بعد النكسة ومشروع الفضاء بعد النكسة اوقفته أمريكا وإسرائيل وروسيا وجدتها فرصة سانحة لها لتقضى على طموح مصر في أن نصبح تابعين لها في عملية الصواريخ والاقمار الصناعية والمفاعلات النووية وهكذا.
ثالث تلك الوسائل هو أن تضع الدولة خطة لتطوير البحث العلمى وان نشعر بأهمية البحث العلمى والايمان به لأن البحث العلمى قاطرة التقدم في أي بلد ففى عصر الرئيس الراحل جمال عبد الناصر كان هناك خطة للدولة للبحث العلمى وكان هناك فريق يجمع كافة المشاكل الزراعية والصناعية والصحية وفائدة المركز القومى للبحوث ومعاهد البحوث حل هذه المشاكل القومية ولذلك كان الهدف من انشاء وزارة البحث العلمى ومراكز للبحث العلمى البحوث التطبيقية لحل مشاكل الدولة.

*ما دور أبحاث الفضاء في مشروع تنمية قناة السويس ؟
دورها هام جدا فالاستشعار عن بعد سيفيد في عملية رسم الاتجاهات حتى لايحدث خطأ أثناء الحفر ثم نكتشف أن هناك جزيرة معوجة تؤثر على اتجاه سير السفن بالإضافة إلى مراقبة سير العمل وهو ما يجب أن نقوم به.

*ما قصة برنامج الفضاء المصرى كيف بدأ وإلى أين انتهى ؟
بدأنا العمل في برنامج الفضاء المصرى عام 2000 بتدريب المهندسين المصريين واعطائهم كورسات مكثفة لمدة 4 شهور عن علم الفضاء، ثم كورس في هندسة الطيران عن الفضاء ولكن من الناحية الهندسية والتكنولوجيا وبعد ذلك تم إرسالهم لاوكرانيا ومكثوا لمدد ما بين 4 سنوات و6 سنوات وحضروا عملية تصنيع القمر الصناعى المصرى «ايجيبت سات1» من أول التصميم وحتى الإطلاق.وتكلف هذا القمر 21 مليون دولار بما فيها التصميم والتصنيع والإطلاق والتحميل وبمشاركة مصرية في التصنيع بنسبة تتراوح ما بين 30 إلى 40% بمشاركة نحو 60 مهندسا و15 دكتور مصريا.
انطلق «ايجيبت سات 1»في أبريل عام 2007 بنجاح واستمر في مدىه لمدة 3 سنوات وهو العمر الافتراضى له وبعد 6 شهور انتهاء العمر الافتراضى «فقد» في الفضاء وهذا أمر طبيعى جدا فاقتحام الفضاء به مغامرة وجزء من المخاطرة فأمريكا مثلا انفجر إحدى المركبات الفضائية بعد 9 ثوانى من الإطلاق ومات نحو 14 رائد فضاء،وفى الهبوط هناك مكوك آخر امريكيا أيضا احترق في الغلاف الجوي للأرض.
ونحن نعمل الآن على القمر الصناعى المصرى الثانى «ايجيبت سات2».

*كيف بدأت الاهتمام بمسالة توليد الهيدروجين بالطاقة الشمسية من مياه بحيرة ناصر؟
بدأت أثناء حضورى مؤتمر في المجر وجدت إعلان عن المؤتمر العالمى الثالث أو الرابع تقريبا لتوليد الهيدروجين في فلوريدا بالولايات المتحدة الأمريكية وقررت السفر لحضور هذا المؤتمر لكى نقتحم هذا المجال وبالفعل كنت العربى الوحيد في هذا المؤتمر وهو ما اثار غضب عدد من الدول الاجنبية المشاركة في المؤتمر، وقدمت خلال المؤتمر بحثا حول توليد الهيدروجين في مصر بصفة عامة وما هي مميزات مصر من حيث السطوع الشمسى العالى والماء التي تقارب العذوبة.وتحدثت عن تجربة شركة كيما في أسوان لتحليل الكهرباء وإنتاج الاسمدة الازوتية والتي تقوم في الأساس على الهيدروجين.
وبعد رجوعى إلى مصر سافرت مرة ثانية إلى ايطاليا لحضور المؤتمر الثانى للهيدروجين على مستوى الدول الاوربية وهذه المرة كان البحث عن بحيرة ناصر بالتحديد وتوليد الهيدروجين منها وترك البحث انطباعا جيد عن قدرة مصر لتوليد الهيدروجين من بحيرة ناصر وطبع في المجلات العالمية العلمية وجدت رئيس المنظمة العالمية للهيدروجين يطلب منى طباعة ونشر البحث في المجلة الدولية عام 1997 م.

*لماذا اخترت بحيرة ناصر لهذا المشروع ؟
قدمت هذا المقترح إلى الحكومة المصرية عامى 1994 و1995 ورشحت أن تتحول المنطقة الممتدة من صحارى سيتى جنوب أسوان وحتى مشروع توشكى إلى مكان لاقامة حقول كبيرة من الالواح الكهروشمسية خاصة انها أراضي مستوية والاتربة فيها ليست مثل قلب الصحراء، والاهم من كل هذا اننا وجدنا المياه في بحيرة ناصر بقياسات الاقمار الصناعية تتبخر من 12 إلى 16 مليار متر مكعب مياه في سنة ونحن في امس الحاجة لمليار متر مربع واحد ونتصارع مع إثيوبيا على هذه الكمية.
اما في حالة توليد الهيدروجين لن نحتاج إلى أكثر من نصف مليار متر مكعب مياه أي لا يمثل 2% من المياه المفقودة نتيجة البخر.

*لماذ لم تقم بتنفيذ مشروعك حتى الآن ؟
بعد نشر بحثى عام 1997 جائنى خطاب من البنك الدولى ولكن طلبوا تفعيل البحث عن طريق وزارة الكهرباء وكنت بالفعل وقتها اتعاون مع وزارة الكهرباء ولكن نظرا للبيروقراطية والشللية تم رفض المشروع.
وكنت قد قدمت مخططا لامكانية مد خط انابيب من البحيرة حتى غرب الإسكندرية لتصدير الهيدروجين لأوربا واخر عبر وادى العلاقى حتى ميناء برنيس أو ميناء شلاتين على البحر الأحمر لتصدير الهيدروجين لدول آسيا وأفريقيا، كما يمكن عمل خط ثالث عبر وادى النيل حتى شمال الدلتا للاستغلال المحلى.

*هل تنوى إعادة تقديم هذا المقترح مرة أخرى للحكومة ؟
بالفعل لقد رجعت للتعاون مع وزارة الكهرباء،واتمنى أن تاخذ الدولة هذا المشروع بعين الاهتمام خاصة خاصة أن المشكلة القديمة أن طاقة الهيدروجين مكلفة نسبيا بالمقارنة مع الطاقة المدعمة في مصر اما الآن الكهرباء المنتجة من الخلية الشمسية تكلف نصف دولار أي اصبحت منافسة للطاقة التقليدية، والمؤسف بالفعل أن الجزائر قامت بتنفيذ هذا المشروع بتمويل المانى 15 مليار يورو لتحصل المانيا على الهيدروجين وتم التعاقد والتنفيذ مع الجزائر منذ سنتين والان الاتحاد الاوربى يريد التوسع مع الجزائر وتونس والمغرب لتوليد الطاقة النظيفة "الهيدروجين" ويمنحهم 100 مليار يورو.
الجريدة الرسمية