رئيس التحرير
عصام كامل
Advertisements
Advertisements
Advertisements

الغرام القاتل!


سعادة غامرة كنت أشعر بها عندما ألتقيها، سواء كان لقاؤنا في غرفتي المنزلية- هربًا من الرقابة الأبوية- أو بعيدًا عن أعين إخوتي ومعارفي حتى لا يفضحون علاقتي بها أمام والديَّ.

لم أستجب حينئذ لنصائح والديَّ، أو مَنْ هم أكبر مني سنًا بالابتعاد عنها، لأنها- حسب قولهم- «غرامها يقصف العمر»، وقضت على كل مَنْ ارتبط بها، وضربت بكل هذه النصائح عرض الحائط، وبدأت علاقتي بها وأنا أخطو خطواتي الأولى في سن المراهقة، وتحديدًا في الصف الثاني الإعدادي، في غفلة من أهلي.

كانت تغويني كما تغوي الكبار.. وكنت اختلس الوقت المناسب لأنفرد بها.. أستمتع بملمسها، ورائحتها المميزة، وقبلاتها الحارة من آن لآخر، بعيدًا عن المتلصصين والمتطفلين.

في تلك الفترة لم تكن علاقتي بها تتجاوز المرة أو المرتين في اليوم الواحد، ومع مرور الأيام زاد قُربي منها وقربها مني، حتى إذا ما وصلت إلى الصف الثالث الثانوي، لم أخش رؤية الناس لي معها، لكني كنت حريصًا على اصطحابي لها وخروجي معها خارج قريتي، حتى جاء اليوم الذي كنت معها في غرفتي، ونسيت أن أغلقها بالمفتاح- كما اعتدت على ذلك- وفوجئت بوالدي- رحمه الله- أمامي، وشاهدني معها.. وقتها أصابني ما يشبه «شلل مؤقت»، وفقدت القدرة على النطق؛ لأبرر له وجودي معها.

لم يكلمني والدي، ولم يوجه لي كلمة لوم واحدة، فقط رمقني بنظرة تمنيت وقتها أن تنشق الأرض وتبتلعني، دون أن ينظر لي هذه النظرة، وساعتئذ قررت قطع علاقتي بها.

لم أكن أستجب لإغرائها، أو محاولات بعض الأصدقاء لإعادة العلاقة معها، وظل هذا الحال حتى منتصف العام الأول في الجامعة، ووجدتني أعيد علاقتي بها على استحياء.. وبتشجيع بعض الزملاء، لم أعد أخشى غضب والديَّ، وتطورت العلاقة بيننا، لدرجة أني كنت أصطحبها معي في كل مكان.

بعد تخرجي في الجامعة، واعتمادي على نفسي، تطورت العلاقة أكثر وأكثر؛ ووصلت في بعض الأحيان إلى درجة الإدمان، ومع تقدمي في العمر، ورغبتي في الزواج وبناء أسرة، حاولت أكثر من مرة التخلص منها ومن ماضيها وحاضرها ومستقبلها السيئ، وما أن أقاطعها فترة حتى أعود إليها من جديد.

وكان من فضل الله عليَّ أن رزقني بزوجة صالحة، بكل ما تحمله هذه الكلمة من معنى، وكانت على علم بحقيقة غرامي القاتل، وبعد أربع سنوات من الزواج، مرضت مرضًا شديدًا، ونصحني الأطباء بالابتعاد عن «غرامي القاتل»، حينها وعدتني زوجتي أن تقف إلى جواري لأتخلص ممن كانت تسميها «ضرتها القاتلة»، وعاهدتها أنا على قطع علاقتي بها.. وطوال الفترة السابقة أوفت زوجتي بوعدها، أما أنا فمازلت أخونها مع «السيجارة» دون أن تدري! 
Advertisements
الجريدة الرسمية