رئيس التحرير
عصام كامل

يدعو لدين جديد...اسمه الإسلام !


(رأيت في الغرب إسلامًا بلا مسلمين ورأيت في ديار الإسلام مسلمين بلا إسلام ).. مقولة شهيرة للإمام محمد عبده قالها بعد أن عاد من رحلته إلى باريس، تأثر فيها بما عاينه من رقي في التعاملات وانضباط في المجتمعات الأوربية، وفجرت مقولته تلك قضية معتبرة تتصارع فيها مفاهيم الشكل والمضمون في الدين، فإذا كان موضوع الدين هو خلق أناس متميزين في الخُلُق والعمل والمعاملات، فإن التزام الشكل دون المضمون فيه يهبط بتلك المثُل ويوقف معايير الإنسانية والتحضر والتعاون والعطاء البشرى، وهذا هو عين مشكلتنا الحاضرة بعد انتشار المفاهيم التي جاءت بها الوهابية والسلفية.

وكانت النتيجة أن أصبح الدين سلعة للاتجار وسببًا للفرقة ومبررًا للقتل وسفك الدماء، أما المضمون الحق فقد أوقفوا فعالياته بحجب الاجتهاد والتحذير من الفكر والتفكر بحجة شروط الاجتهاد التعجيزية التي ابتدعوها ما كتبها الله عليهم، وقد جمعتنى الأقدار بشاب فرنسى دخل الإسلام حديثًا ظن بى خيرًا فسألنى عن الإسلام وكيف يكون المرء مسلمًا حقًا ؟ فأجبته على الفور: بسيطة.. كن كما أنت كما خلقك الله في فطرتك السليمة وخَلقِكَ وخُلِقك السوى تكن مسلمًا! 

فقال: ولكنى لم أجد ذلك الإسلام الفطرى في وجوه المسلمين الذين خالطتهم وتعاملت معهم، قلت له إنه الشكل الذي أفسد الجوهر والذي دمر البنية الإنسانية عند شعوبنا، وجعل الإسلام انتماءً يورث من الأب لابنه وخانة في بطاقته الشخصية لا غير، فقال وكيف تصمتون على ذلك الواقع الأليم ولا تصلحوه، فأفهمته أن هذا ليس وليد اليوم بل هو توابع من قرون طالت من كهانات تلبست ثياب العلماء، وحكام ظلمة فجرة ظهروا في ملابس الخلفاء، وجماعات أفسدت الدين بحجة حمايته، بغية السيطرة الروحية على أتباعهم ومازالوا يفعلون، وكان عدتهم في ذلك التخويف والترهيب والتفزيع دون تذكير الناس برحمة الله ومغفرته وإلا هل حدثك أحدٌ عن نعيم القبر وحلاوته؟

قال ضاحكًا لم أسمع منهم إلا عن عذابه ووصف الثعبان اللادغ المنتقم، قلت وهكذا يفعلون بنا ليبعدوا عنا بيان ومضمون الإسلام الأصلى، فاندفع يقول إذن لماذا لا تدعون لتفعيل الإسلام الحقيقى ذى المضمون الذي تذكره فإن هذا ليس بالإسلام قطعًا، قلت: ومن يجرؤ على ذلك ؟ ! قال بكل تحدٍ أنا.. إنى الآن أدعو لدين جديد.. اسمه الإسلام !! فتعجبت من جرأته ولكنى تذكرت أنه.. حماية فرنسية... ها ها. 
الجريدة الرسمية