رئيس التحرير
عصام كامل
Advertisements
Advertisements
Advertisements

ربنا عرفوه بالذقن ؟


في السنة الأولى لتمهيدى الماجستير بمعهد الدراسات الإسلامية عام 2004، وقف طالب ملتحٍ في محاضرة الدكتور أحمد عمر هاشم، وذكر حديثًا نبويًا يقول إنه إذا صافح المسلم، امرأة لا تحل له، فإن السماء تفور، وتمور، وتنادى الملائكة في الأرض أن فلانًا صافح أجنبية، فتعد له السلاسل والجنازير تحت الأرض انتظارًا لوفاته.


رفض علامة الحديث الدكتور هاشم، الحديث، وقال: لم أسمع به. وبعد جدل، انفعل الدكتور هاشم، وكاد عيار الطالب أن يفلت، ثم سمعناه يطعن بعد المحاضرة في الدكتور هاشم، وفى علمه، لأنه لم يكن وقتها قد أطلق "اللحية" بعد !

لدى الطالب أن ربنا "عرفوه بالذقن"، وأن للعلم رجالًا لا يلبسون إلا "أبيض في أبيض"، يقصرون في الثياب، وينتعلون "الخف"، ولا يميلون إلى البلوفرات، و"النظارات" الطبية.

كانت الواقعة إشارة ملموسة إلى ذروة عصر "التجارة بالرسول"، وبأقوال الرسول، حسب الهوى، وعلى الكيف. حيث الحكم على الرجال، بالظاهر، واختبار السرائر بالمظاهر، وتصور العلم، لدى من ليس له علم، والافتئات على العلماء، بتشجيع من مشايخ الطرق، والطرقات، وأئمة المساجد، وأباطرة الزوايا..وفضائيات الطب النبوى، والعلاج ببول الرسول!

تسلط تجار الدين بالحديث. أو ما شهر أنه حديث. كان امتدادًا لعصور "الملمات" التي طالتنا، وأتت بالذي يزيد الغمة، ويوسع الملمة..طمعًا في خلق الله..لا في الله.

يحكى السيوطى، أن الخليفة معاوية، أرسل من وضع السم لحفيد رسول الله الحسن بن على (رضي الله عنه) في عسل يشربه، فمات مسمومًا، ولما بلغه خبر الوفاة، تداول في قصره حديثًا يقول: "إن لله جنودًا في العسل".

وقيل إنه حكى الحديث نفسه بعد أن وضع أتباعه سمًا في شراب لقائد جيوش على (رضي الله عنه) الأشتر النخعى، فمات به !

استغل الأمويون السنة في تقوية نفوذهم. أوهموا أهل الله، بما قالوا إنها سنة رسول الله. ولما جاء العباسيون، طعنوا في الأمويين، وفى الحديث الذي ابتكره الأمويون، قبل أن يتولى الفاطميون، فينكروا الاثنين، أمويين، وعباسيين، للدرجة التي أنكروا فيها رسول الله نفسه، حفاظًا على "دين الله"!

فقد دعا الفاطميون إلى "ألوهية" على (رضي الله عنه)، ثم قالوا إن النبوة، نزلت مرة أخرى على وزير الحاكم بأمر الله "الحمزة بن على الزوزنى".

لم يكن إسلام ولا يحزنون. يبدو أن في الكرسى شيئًا، وفى المنصب غرضًا، لذلك، غالبًا ما تطغى الدنيا على الآخرة، لدى أمراء السياسة، وفقهاء الأحزاب.

في الفرق بين الفرق للبغدادى، ادعى "مشايخ الفاطمية " ألوهية الحاكم بأمر الله، وقالوا أحاديث نبوية في هذا. طريف أن يدللوا على الألوهية، بأحاديث "نبوية". لكن هذا الذي حدث. ثم قال حمزة الزوزنى، إنه خاتم الأنبياء، وإن دينه نسخ ما قبله من شرائع، حتى شريعة محمد.

وفى كتابه "أسرار الدعوة الفاطمية" يقول محمد عنان، إن الفاطميين أشاعوا أن "روح الحاكم بأمر الله تتناسخ"، أي أن الحاكم لا يموت، وإن مات، تظل روحه باقية، وتدخل في جسد الخلفاء الفاطميين من بعده!

المعنى، أن حكم الفاطميين ممتد، وأنه إذا مات خليفة، فإنه لم يمت، ولو حدث، فعلى الأقل حكمه، ووزراؤه، ونفوذ أبنائه، وأحزابه، وأحزاب أحزابه تبقى حية.

وفى تاريخ الأنطاكى، ومخطوط الذهبى، أصدر الحاكم بأمره قرارات بصفته، الإلهية، واعتبر الخروج عليها، خروجًا عن الدين. فأبطل مثلا ذبح الأضاحى في العيد، ثم أبطل صلاة العيد نفسها، ومنع صلاة الجمعة في الأزهر فترة. وقتها، تداول الفاطميون أحاديث في أفضال "الحاكم". وبحثوا في أسانيد الرجال الذين رووا الحديث عن حمزة الزوزنى. كان " فجُرا "..ليس إلا !

Advertisements
الجريدة الرسمية