رئيس التحرير
عصام كامل
Advertisements
Advertisements
Advertisements

سعادة "روبن ويليامز"


توفي الممثل المبدع "روبن ويليامز" الذي أسعد العالم بأدواره المتنوعة بين الكوميديا التي رسمت السعادة في ذاكرة الملايين، والتراجيدية التي أبكتهم، جسد خلالها شخصيات شديدة العمق والتأثير من أروعها "السيدة داوتفاير"، حيث جسد دور أب يتنكر في شكل مربية أطفال حتى يتمكن من رعاية أبنائه في معالجة أسرية مبهرة، حصد روبن كمًا هائلًا من الجوائز ما بين الأوسكار وجولدن جلوب وغيرهما، ونال قدرًا كبيرًا من الشهرة والثراء، مات ويليامز منتحرًا إثر حالة من الاكتئاب الحاد، الأمر الذي أدهش الكثير وجعلهم يتساءلون كيف يصاب مثله بالاكتئاب بالرغم من تلك السعادة التي يعيش فيها؟


والجدير بالذكر أن هناك عددًا لا يستهان به من حالات الانتحار لفنانين ومشاهير وأثرياء حتى أن بعض الباحثين أكدوا أن هناك علاقة بين الانتحار والرفاهية.

أتأمل في تلك الدراسات وأحاول الإجابة عن ذلك السؤال الشهير المحير ألا وهو: ما السعادة ومن أصحاب السعادة؟ لاحظت أن الكثير من أفلام الخمسينات كانت تهدف إلى إثبات أن هناك علاقة وثيقة بين الغنى والتعاسة، حيث تظهر الأسرة الفقيرة في منتهى السعادة بالرغم من معاناتها، وعندما تتحول لأسرة غنية بسبب قدري، كأن ترث مثلًا، تتفكك وتفقد طعم السعادة وتنعي أيام الفقر وتتحسر على حلاوتها يتمنون لو دامت، وكانت تلك الأفلام تقابل بالتحليل والنقد على أنها بمثابة مسكنات للفقراء تجنبًا لثورتهم على أوضاعهم، وبالرغم من أنها ليست حقيقة، أي أن المال ليس بالضرورة مصاحبًا للتعاسة، فإن هناك جانبًا من الصواب حيث إن المال لا يعني السعادة أيضًا، ويظل السؤال قائمًا: كيف نصبح سعداء؟

ولأن السعادة هي السر التي تبحث عنه البشرية منذ أن وطأت أقدام آدم وحواء الأرض، لذلك فإنه عندما تأتيني العديد من المشكلات الخاصة بافتقاد الأسرة السعادة، أو تفاقم المشاكل فيها فإنني أبحث عن "التوازن النفسي" لهذه الأسرة، وعلاقات أفرادها ببعضهم، ومدخلات السعادة "الجمعية" التي ما إن تحل على بعض الأسرة حتى تغمرها جميعها، ولا شك أن هناك قواعد عامة تضمن السعادة والاستقرار الأسري منها على سبيل المثال: إيمان الفرد بأن له رسالة يؤديها في الحياة، وأن هذه الرسالة هي طريقه للسعادة، فضلا عن القناعة والرضا، والتسامح، والتقبل، والعطاء، والحب، وغيرها من القيم التي ترتقي بالنفس الإنسانية.

الخلاصة هي أنه يجب أن ندرك أن بإمكاننا دائمًا أن نبدأ من جديد، نغير حياتنا، ونصنع السعادة بأيدينا لأنفسنا ولمن حولنا، وداعًا يا من وهبتنا قدرًا من السعادة، وداعًا روبن ويليامز.
Advertisements
الجريدة الرسمية