رئيس التحرير
عصام كامل
Advertisements
Advertisements
Advertisements

مات سيف.... فحضرت الثورة جنازته


يقول الراحل الرائع محمود درويش في ملحمته البديعة ( في مديح الظل العالى )......

كم كنت وحدك !

كم كنت وحدك !

هي هجرت أخرى


فلا تكتب وصيتك الأخيرة والسلاما !

سقط السسقوط وأنت تعلوا

يدا وسيف وشاما...

وأنا والواقع يقولان له، بل سقط الموت في جنازتك، فالشهداء يا سيف المظلومين أحياء عند ربهم يرزقون، الشهداء ليسوا فقط من قُتلوا دفاعا عن وطن، الشهداء من وهبوا حياتهم وحريتهم دفاعا عن كل مظلوم وفقير وضعيف وأسير ومبتلى ومفقور ومنهوك في كل عصر، في عصور الزيف والنفاق ووأد القيم وسحق الضعفاء.

لا نرثيك..... لكننا نرثى أنفسنا التي لم تطاول بعد شموخك أيها الشهيد، شهيد الحق والحريه وكرامة المصريين.... النبيل أحمد سيف الإسلام عبدالفتاح حمد، نحيل الجسم قوى الإيمان بالسعى في حاجة الضعفاء والمظلومين أيا كان توجههم أو فكرهم، فتكفى إنسانيتهم وكرامتهم سببا أصيلا للدفاع عنهم.

هاجر سيف المظلومين ليلحق بنبلاء سبقوه هناك في هجرته لدار الحق من أمثال النبيل الهلالى والسيد فتحى وغيرهما ممن وهبوا أنفسهم للدفاع عن كل مضطهد ومظلوم ومقهور، لا يهم أن يكون رأيه مخالفا بل المهم أن يكون لك رأى.... فحريتك أسمى وإنسانيتك أدعى لأن يدافعوا عنك وبلا مقابل في أغلب الأحوال.

كالأنبياء الذين لم يورثوا أبناءهم مالا ولا سلطانا، لكنهم ورثوهم الشرف والكرامة والنضال والسجون أيضا..... ورثوهم احترام الجميع حتى من يلعونهم في العلن أمام الكاميرات وعلى صفحات الجرائد الصفراء وعلى مهزلة الفيس بوك وغيرهم ولكنهم...... يحسدونهم في السر والعلن أيضا لأنهم لم ينالوا احترامهم ولن ينالوه ولو دخل الجمل في سم الخياط !

يا صاحبى وحبيبى ألم ننهك عن العالمين !

لقد كنت عطرا نائما في وردته فلما انكشفت

وردة مكنونة في بحرها.... لما انكشفت !

وهل يساوى العالم الذي وهبته دمك هذا الذي وهبت !

هكذا يصف صلاح عبد الصبور على لسان الشبلى في مسرحيته مأساة الحلاج، مشهد صلب الحسين بن منصور الحلاج... ولكن أحمد سيف الإسلام ورفاقه ينسكبون جهادا من أجل نصرة الضعفاء وجبر المكسورين والتخفيف عن المحزونين ومن أسرهم البطش مرتين، مرة بالفقر وأخرى بالقيد، مات ذو الجسد النحيل ليعلم الجميع معنى أن تكون قويا دون جسد، نبيلا دون جاه، سخيا دون مال وعظيما دون جوقة منافقين.

نعم مات أحمد وكلنا أموات ولكنه أحيا فينا نبلا وإنسانية كانت متوارية خلف جدران الزيف والتضليل الإعلامي على يد ثلة منافقى كل العصور، مات ورحل بالجسد ولكنه أحيا كل من له قلب أو ألقى السمع وهو شهيد، مات سيف الغلابه فحضرت الثورة جنازته، ربما تؤبن نفسها، ربما تُذكر نفسها بأن أنبل من في المصريين خرج في يناير ليطالب بالحرية والعيش والكرامة الإنسانيه لغيره قبل أن يكون له، رحمك الله ورحمنا وجمعنا مع الطيبين والصديقين والشهداء في دار الحق.
fotuheng@gmail.com
Advertisements
الجريدة الرسمية