رئيس التحرير
عصام كامل

هل يساوي وزير التعليم المعلمين بالطلاب؟


أعلن وزير التربية والتعليم الدكتور محمود أبو النصر أن الوزارة قد انتهت من إعداد مشروع قرار وزاري خاص بإضافة الحافز العلمي والفني والثقافي لطلاب الثانوية العامة، أسوةً بمن يحصلون على درجات الحافز الرياضي. 

والحقيقة أنها خطوة تأخرت كثيرا، لكننا نحمد للدكتور "أبو النصر" أن يأتي هذا القرار الآن، فليس المعقول أن يكون هناك تكريم لمن له نشاط رياضي، يصل لـ16 درجة إضافية للمجموع الكلي لمن يحصل على بطولة جمهورية، بينما لا يكون الأمر ذاته مع النشاط الثقافي لمن لديهم مواهب الشعر والأدب والتأليف، أو في الناحية العلمية لمن لديهم إبداعية الاختراع والابتكار، أو النشاط الفني بمختلف أنواعه: رسم، مسرح، ديكور وغيرها، فاقتصار الأمر بحافز إضافي للنشاط الرياضي فقط كان أمرا يحمل في طياته التقليل من شأن باقي أوجه التميز.

ما لفت نظري هو لماذا لا نصنع الأمر ذاته مع المعلمين أنفسهم؟ هناك معلمون لهم تميز ثقافي وفني وعلمي ورياضي، لماذا لا يكون لهم حافز يميزهم أيضا؟ طالما أن الهدف هو الغرس في الطلاب - وفي المجتمع كله في الحقيقة - محبة التميز، والبحث عن موهبة خاصة كامنة في داخل كل شخص لينطلق بها في خدمة مجتمعه، أو على الأقل إن لم توجد هذه الموهبة الخاصة فلا يتم تعطيل الموهبة لدى الآخرين، ونتعلم جميعا كيف نقدر الموهبة والعمل والتميز.

هناك معلمون لهم مؤلفات عدة في مجالات متنوعة، منهم من هم أعضاء في اتحاد كتاب مصر، ومنهم باحثون ونقاد يُنشر لهم في كبار الصحف المتخصصة، ومنهم من حصل على رسائل ماجستير ودكتوراه متميزة – «فالحقيقة أننا نحتاج الآن للتفرقة بين رسائل الماجستير والدكتوراه بعضها البعض في ظل كثرتها، وهذا قد أتحدث فيه معكم في وقت لاحق» – المهم هناك أبحاث لها تمايزها الخاص، بل هناك معلمون لهم ابتكاراتهم وإبداعاتهم، والسؤال الآن: لماذا لا يكون هناك حافز أو آلية للاستفادة من هؤلاء المبدعين؟

مثلا: لماذا لا يؤخذ رأي المتميزين في الكتابة والإبداع وحصلوا على جوائز تكريم في شئون الأدب وغيرها، لماذا لا يؤخذ رأيهم في مناهج اللغة العربية؟ لا أقول أن نحلم بأن تشكل منهم لجنة لوضع المناهج، باعتبارهم هم ممثلون للتطبيق العملي للغة العربية في أرض الواقع، وإنما فقط أقول يؤخذ رأيهم! وكذلك الحال مع المتميزين في العلوم والرياضيات وغيرهما، هل هذا الحلم كبير وصعب ومستحيل، ولماذا لا نستفيد من هذا التمايز في التصعيد داخل كوادر الوزارة والمديريات، خاصة أن الجميع معترف أن المشكلات الحالية تحتاج لمن لديهم القدرة على الإبداع والابتكار والخيال لحلها، ونحن نسجن أصحاب هذه القدرة في هامش التربية والتعليم بعيدا عن أماكن صناعة القرار؟

كيف نعطي للطالب الذي يثبت تمايزه في مجال محدد درجات إضافية تكون فارقة في تحديد مصيره من جامعة لجامعة ومن كلية لكلية، ليزيد في مجموعه في الثانوية العامة قرابة الـ(16 درجة كاملة)، ولا نعطي للمعلم المتميز والذي تحقق إبداعه وتأليفه واختراعاته وحاز اعترافا بإبداعيته، حافزا ماليا أو إداريا؟ ولا نستفيد منه في دوائر صنع القرار؟

أتمنى أن يكون هناك مشروع وزاري للاستفادة من المعلمين المتميزين ثقافيا وعلميا وأدبيا وفنيا وإبداعيا، أسوة بما يتم مع طلاب الثانوية العامة، وأن يكونوا نواة لتغيير حقيقي، فهل يمكن أن يتحقق الحلم؟
الجريدة الرسمية