رئيس التحرير
عصام كامل
Advertisements
Advertisements
Advertisements

ذكرى استشهاد بطل "حرب فلسطين".. "أحمد عبد العزيز"التحق بسلاح الفرسان بعد تخرجه في "الحربية".. قاد المتطوعين بعد تدريبهم.. حاصر الصهاينة بالقدس.. استشهد برصاص مجهولين وهو في طريقه إلى غزة

حرب 48 - صورة أرشيفية
حرب 48 - صورة أرشيفية

"أيها المتطوعون، إن حربنا هذه لهى الحرب المقدسة، وهى الجهاد الصحيح الذي يفتح أمامنا الجنة، ويضع على هاماتنا أكاليل المجد والشرف، فلنقاتل العدو بعزيمة المجاهدين، ولنخشى غضب الله وحكم التاريخ إذ نحن قصرنا في أمانة هذا الجهاد العظيم"، كلمات حفر بها البطل الراحل أحمد عبد العزيز، مكانته في القلوب، اليوم تمر ذكرى رحيله في صمت.


على خطى والده
على خطى والده، نشأ "البطل"، حيث اشترك في مظاهرات 1919، وهو في الثانية عشرة من عمره وكان وقتها في المدرسة الثانوية، وفى العام 1923 دخل السجن بتهمة قتل ضابط إنجليزي ثم أفرج عنه وتم إبعاده إلى المنصورة، التحق أحمد عبدالعزيز بالكلية الحربية بعد تخرجه من المدرسة الثانوية وقد تخرج منها عام 1928، التحق بعدها بسلاح "الفرسان" ثم قام بتدريس التاريخ الحربي في الكلية الحربية.

وتعود بداية عمله العسكري إلى قرار تقسيم فلسطين وانتهاء الانتداب البريطاني في 14 مايو 1948 وبعد ارتكاب العصابات الصهيونية المذابح بحق الفلسطينيين العزل، ثار غضب العالم العربي والإسلامي وانتشرت الدعاوى للجهاد في كل أرجاء الوطن العربى، كان أحمد عبد العزيز، أحد الذين استجابوا لدعوة الجهاد فقام بتنظيم المتطوعين وتدريبهم وإعدادهم للقتال في معسكر الهايكستب، وقد وجهت له الدولة إنذارًا يخيره بين الاستمرار في الجيش أو مواصلة العمل التطوعي، فما كان منه إلا أن طلب بنفسه إحالته إلى الاستيداع.

جمع الأسلحة
عقب جمعه ما أمكنه الحصول عليه من الأسلحة والذخيرة من قيادة الجيش وبعض المتطوعين وأسلحة من مخلفات الحرب العالمية الثانية - بعد محاولة إصلاحها - اتجه إلى فلسطين، دخل الجيش المصري فلسطين عام 1948م، ودخلت قوات منه إلى مدن "الخليل، بيت لحم، بيت صفافا وبيت جالا" في 20 مايو 1948م، وكانت هذه القوات مكونة من نصف كتيبة من الفدائيين وعدد من الجنود بقيادة أحمد عبدالعزيز، وكان يساعده كل من اليوزباشي كمال الدين حسين واليوزباشي عبدالعزيز حماد، وكانت هذه القوات مزودة بالأسلحة الخفيفة وعدد من المدافع القوسية ومدافع من عيار رطلين، بالإضافة إلى سيارات عادية غير مصفحة.

منذ وصوله إلى بيت لحم بدأ باستكشاف الخطوط الدفاعية للعدو، وكانت تمتد من "تل بيوت ورمات راحيل" في الجهة الشرقية الجنوبية للقدس بالقرب من "قبة راحيل" في مدخل بيت لحم الشمالي حتى مستعمرات "بيت هكيرم وشخونات هبوعاليم وبيت فيجان ويفنوف" ونشر قواته مقابلها.

وعندما بدأت قوات الجيش المصري الرسمية تتقدم إلى فلسطين، عرضت على أحمد عبدالعزيز العمل تحت قيادتها، فتردد في بادئ الأمر لأن عمله مع المتطوعين كان يمنحه حرية عدم التقيد بالأوضاع والأوامر العسكرية ولكنه قَبِلَ في آخر الأمر، وضع الضابط الأردني "عبدالله التل" قواته في كل المنطقة تحت تصرف أحمد عبدالعزيز دون علم قيادة الجيش الأردني؛ لإيمانه بوطنيته وإخلاصه.

رمات الراحيل
كانت مستعمرة "رمات راحيل" تشكل خطورة نظرا لموقعها الإستراتيجي الهام على قرية "صور باهر" وطريق القدس - بيت لحم؛ لذا قرر أحمد عبد العزيز، احتلال المستعمرة وقاد هجومًا عليها بمشاركة عدد من الجنود والضباط والمتطوعين الأردنيين، بدأ الهجوم بقصف المدافع المصرية للمستعمرة، بعدها زحف المشاة يتقدمهم حاملو الألغام الذين دمروا أغلب الأهداف المحددة لهم، ولم يبقَ إلا منزل واحد احتمى فيه مستوطنو المستعمرة، حين انتشر خبر انتصار أحمد عبد العزيز، بدأ السكان العرب يفدون إلى منطقة القتال لجني الغنائم، والتفت العدو للمقاتلين، وذهبت جهود أحمد عبد العزيز في إقناع الجنود بمواصلة المعركة واحتلال المستعمرة أدراج الرياح، وأصبح هدف الجميع إرسال الغنائم إلى المؤخرة.

ووجد "أحمد عبد العزيز" نفسه في الميدان وحيدًا، إلا من بعض مساعديه، حتى وصلت التعزيزات لمستعمرة "رمات راحيل" وقادت العصابات الصهيونية هجوما في الليل على أحمد عبد العزيز ومساعديه الذين بقوا، وكان النصر فيه حليف الصهاينة، وكان على العرب الهزيمة.

رحلة كفاح
ولكن رحلة الكفاح لم تستمر طويلا، ففي 22 أغسطس 1948، دُعي عبد العزيز لحضور اجتماع في دار القنصلية البريطانية بالقدس لبحث خرق الصهاينة للهدنة، وحاولوا معه أن يتنازل لهم عن بعض المواقع التي في قبضة الفدائيين لكنه رفض، واتجه في مساء ذلك اليوم إلى "غزة" حيث مقر قيادة الجيش المصري لينقل إلى قادته ما دار في الاجتماع، وفي طريقه إليها بصحبة اليوزباشى صلاح سالم ،أطلق عليه النار من مصدر لم يحدد حتى الآن ولقى عبد العزيز ربه ويصبح استشهاده لغز حتى الآن.

تجدر الإشارة، إلى أن مقبرة البطل توجد في "قبة راحيل" شمال بيت لحم، وله هناك نصب تذكارى شامخ، وقد أحاطته مؤخرا سلطات الاحتلال الإسرائيلي بسياج من الأسلاك الشائكة والأسوار العالية التي بها فتحات مراقبة لبنائها كنيسة يهودية بالقرب منه، كما أطلقت رصاصة على شاهد قبره من قبل قوات الاحتلال ولكنها لم تكسره، وتخليدًا لذكراه سمى أحد أهم وأرقى الشوارع بمصر على اسمه (شارع البطل أحمد عبدالعزيز) بالمهندسين.

يذكر أن الشهيد البطل ولد عام 1907 بمدينة الخرطوم السودانية حيث كان والده أميرالاي (العميد) محمد عبد العزيز، قائد الكتيبة الثامنة بالجيش المصري في السودان، وقد كان والده وطنيًا مخلصًا، فقد وقف مع الشعب أثناء مظاهرات 1919 وسمح لجنوده بالخروج من ثكناتهم للمشاركة في المظاهرات مع الشعب، ما أدى إلى فصله من الجيش بعد غضب الإنجليز عليه.
Advertisements
الجريدة الرسمية