رئيس التحرير
عصام كامل

يغيّر ولا يتغير !


سبحان مغير الأحوال. على خلفية تقرير هيومان رايتس، بدأ حقوقيون يتحدثون عن حق الدولة في استخدام القوة لفض الاعتصامات أو الاحتجاجات المسلحة. أول أمس، كتب واحد من الذين طالبوا بإعدام ضباط الشرطة دون محاكمة، مناصرًا حرية الدولة في الدفاع عن نفسها بفض اعتصام رابعة. في عموده روى صاحبنا حادثة مزرعة واكوا الأمريكية. قال إن الشرطة الأمريكية، اقتحمت المزرعة عام 1993، بعدما اعتصمت فيها طائفة متطرفة بالسلاح. قال إن هيومان رايتس ووتش أشادت بالعملية وقتها، باعتبار أن فرض القانون بالقوة جائز.


سبحان مغير الأحوال، وما دايم إلا وجهه. بعضهم يتكلم الآن عن حق الدولة في فرض هيبتها، وسيادتها.. بعد خراب مالطة.
يرى البعض أن الكلام في اتجاه هيبة الدولة، وأحاديث السيادة، بدر من حقوقيين لأنهم ضد الإخوان..لا لأنهم مع الدولة، وهذا صحيح.

فالذين أنكروا تقرير المنظمة الأخير، هم الذين أيدوا إشادتها من قبل بالاعتصامات الفئوية. وهم الذين ناصروها لما علقت حوادث قطع الطرق، والسرقة بالإكراه، على ما أسمته اتفاقات بين الشرطة، ورموز النظام السابق، وبين معتادى الإجرام.. هدمًا لعزيمة المصريين وتحقيق إرادتهم في التغيير فترة ما بعد يناير 2011.

ظهر بعد ذلك أنه كان كلامًا فارغًا، أدى بنا إلى الطريق لستين داهية.
لو أصدرت هيومان رايتس تقارير عن التجاوزات في أقسام الشرطة غدًا، أو أشارت إلى إحصائية في مساوئ انقطاع الكهرباء المستمر، بما يتعارض مع حقوق الإنسان، لخرج وراءه ألف حقوقى مصرى، على كل ضامر يأتون من كل فج عميق، وهاتك ياشعارات: يسقط المطر شتاء.. ويعيش السمك في الماء !

الأزمة في حدود أفكار سميناها حقوقية.. مع أنها لم تكن كذلك. كانت كلامًا فارغًا، ونظريات متضاربة، ثبت أن الذين دعوا إليها، كانوا أول من هجروها.. بعد أول اختبار. على قائمة دول العالم نحن الأكثر إصابة بفيروس سى.. وإساءة تأويل معنى العمل الحقوقى.

غريب أن نتداول قصة مزرعة واكو الآن، بعد ثلاثة أعوام حسومًا من جدل إعدام متهمين في قتل متظاهرين دون محاكمات. اذكر أن صاحب عمود مزرعة واكو، كان أول من ندد ببراءة جميع ضباط النظام في قضايا قتل المتظاهرين. اذكر أنه جدد مصطلح "البراءة للجميع"، وحكى عن اضطراب القضاء المصرى، وطعن في "شغل النيابة والمحامين العموم". في عمود سابق منذ شهور طالب بتطهير القضاء، ثم غيّر أول من أمس.. وتكلم عن حق الدولة في الدفاع عن نفسها !
سبحانه.. يغيّر ولا يتغير!
الجريدة الرسمية