رئيس التحرير
عصام كامل

"فخار يكسر بعضه"... اقتصاد دموي


أضاعت مصر الكثير من الوقت والجهد لتجنيب الفلسطينيين إراقة المزيد من الدماء والحفاظ على ما بقي في "غزة". ومثل الملايين غيري أرى أن الشعب المصري أحق بكل دقيقة من وقت وجهد المسئولين أيا كان موقعهم، كي نعوض ما خسرناه في السنوات الفائتة، ونلحق بركب التنمية الذي أوشك أن يتجاوزنا.

دأب الجناح العسكري في التنظيم الإرهابي "حماس" على خرق توقف إطلاق النار مع "إسرائيل"، كلما اقتربت المفاوضات التي تقودها مصر من إقرار هدنة دائمة، ثم يستغيث قادتها بدول العالم لإيقاف آلة الحرب الإسرائيلية عن دك "غزة" بمن عليها. 

وتتبع "حماس" الإرهابية المثل الشعبي "ضربني وبكى... وسبقني واشتكى". فهي التي جرت "إسرائيل" إلى الحرب بخطف وقتل 3 مستوطنين، ومع الرد الإسرائيلي القاسى بدأ "النواح واللطم" الفلسطيني. وحين عرضت مصر المبادرة مع استضافة مفاوضات هدنة دائمة، رحبت إسرائيل ورفضت "حماس"، لأن قادتها يريدون مفاوضات قطرية وتركية باعتبارهما من داعمي "حماس" الإرهابية، ولإعادة الدولتين إلى الواجهة بعد فشلهما الذريع في فرض حكم الإسلام السياسي في مصر وليبيا وتونس واليمن. 

يريد قادة "حماس" الإرهابية استمرار الحرب لبناء الاقتصاد المنهار، وحتى لا يلتبس الأمر، فإن "حماس" خسرت الداعم والممول الأول لها ممثلا في سورية انصياعا للأوامر القطرية، وبموقفها المخزي هذا فقدت تعاطف وتمويل إيران وحزب الله، كما أدت القيود المصرفية إلى شح الدعم المالي والتمويل القطري والتركي الوارد إليها، واكتملت دائرة الفقر بعد تفجير الجيش المصري أنفاق التهريب والتجارة المشبوهة ما أصاب الاقتصاد الغزاوي بالشلل التام. 

وفي ظل معاناة 40% من السكان من البطالة، لم يعد بمقدور "حماس" جباية الضرائب وهي المورد الاقتصادي الأول في "غزة". من هنا قرر قادتها تبني فكرة "الاقتصاد الدموي" بالحرب مع إسرائيل لإحراز أكثر من هدف في الوقت نفسه. فمن ناحية يستعيدون تعاطف العالم مجددا باعتبارهم الطرف الأضعف، كما يضغطون مع الخسائر الفادحة لطلب المساعدات والتمويل لإعادة بناء ما دمرته الحرب. وكذلك ضمان تأييد الشعب الفلسطيني الذي نبذ "حماس" الإرهابية، لخوضها حربا مع الفلسطينيين وحركة "فتح" التي ينتمي إليها الرئيس محمود عباس. لأنه في حال الحرب مع إسرائيل سينسى الشعب جرائم وأكاذيب وفشل "حماس" ويتضامن معها ضد المحتل حتى تنتهي الحرب. 

ومع تدفق المساعدات المادية واللوجستية على "غزة" إن كان من مصر أو الدول العربية وحتى المنظمات والدول الغربية. زادت أطماع "حماس" لإحراز المكاسب على الأرض، خشية المحاسبة الشعبية بعد أن تكبدت "غزة" آلاف القتلى والجرحى وباتت شبه مدمرة.. وعليه يبدي خالد مشعل المقيم في "قطر" قناعته بأن خسائر تحرير الأرض من المحتل لابد أن تكون فادحة، مستذكرا ملايين القتلى في الجزائر وفيتنام حتى تحررت البلدين. فيما يخرج "الحمساوي" إسماعيل هنية، بين الفينة والأخرى، من مخبئه الآمن تحت الأرض في "غزة" مطلقا تصريحات كاذبة حول إنجازات الكتائب المسلحة وخسائر الاحتلال، وأن لجوء إسرائيل إلى تدمير "غزة" واستهداف آلاف المدنيين دليل على فشل نتنياهو في الحرب!!.

يعلم الجميع أن "حماس" الإرهابية تكره مصر وشعبها، وقد عانينا ومازلنا من ارتكاب عناصرها جرائم ممنهجة وتخريب متعمد، تنفيذا للمؤامرة القطرية – التركية على بلدنا لصالح جماعة "الإخوان" الإرهابية التي ينتمون إليها جميعا.. من هنا تسعى "حماس" عن طريق الحرب مع إسرائيل إلى إقناع مصر بإعادة فتح معبر "رفح" وإنهاء الحصار على القطاع، وفي الحقيقة أن الحصار تفرضه إسرائيل.

وأمام فشل "حماس" في تحقيق أهدافها التآمرية عن طريق مفاوضات الهدنة برعاية مصرية، تلجأ المرة تلو الأخرى إلى إطلاق الصواريخ على إسرائيل، ما يجعل الأخيرة ترد دفاعا عن نفسها.

ولأن الأمر بات مسلسلا مكررا وسخيفا، يجب على المصريين إيقاف المفاوضات، وعندما تكسر إسرائيل عناصر"حماس" مثل "الفخار"، سيعودون حينها إلى المفاوضات بلا قيد أو شرط ويتوقفون عن التحرش بالجيران.
الجريدة الرسمية