المفتى الأسبق يرد على الهلالى: لا يجوز تجسيد الأنبياء في المسلسلات
- زراعة الأعضاء وتأجير الأرحام وبطاقات الائتمان من المستحدثات
- لا مانع من تكييف الحكم الفقهي على مستجدات العصر
- الشريعة الإسلامية صالحة لكل زمان ومكان
- التجديد في أصول الفقه هو إلغاء للفقه الإسلامي القديم
- بنوك الأجنة في الغرب تعيش فوضى عارمة في تضييع الأنساب
- عمليات الاستنساخ البشرية لا تجوز شرعا سدا للذرائع
- بنوك الإرضاع جائزة شرعا ولا يترتب عليها أي حرمة
- فقه المستحدثات ضرورة ملحة لمواكبة العصر
"فيتو" حاورت الدكتور نصر فريد واصل مفتى الجمهورية الأسبق حول فقه المستحدثات...
*بداية ما هو فقه المستحدثات؟
فقه المستحدثات يعنى تفسيرا لجملة فقه الواقع أي الفقه المعاصر الذي نعيشه الآن وما يتعلق بحياتنا المعاصرة وما فيها من أحكام فقهية في المعاملات والعبادات وتختلف باختلاف الزمان والمكان.
*هل فقه المستحدثات هو ذاته التجديد في الفقه ؟
المستحدثات في الفقه يعنى فقه الواقع الذي نعيشه وما يتعلق به من مسائل في حياتنا اليومية وهو نفسه التجديد الفقهي إذ أن التجديد الفقهي هو ضرورة من ضروريات الدين، من أجل تكييف أوضاع الناس بحسب الزمان والمكان، فهناك مسائل فقهية كثيرة لا تتناسب مع وضعنا الحالي أو زماننا هذا والعلة في ذلك أن الأمور تتغير والعلم يتقدم ودخلت في حياة الناس مستحدثات كثيرة كزراعة الأعضاء وتأجير الأرحام، وبطاقات الائتمان وغيرها من الأمور الحديثة ولا مانع من تكييف الحكم الفقهي على مستجدات العصر لأن الشريعة الإسلامية صالحة لكل زمان ومكان.
*كثير من العلماء يرفض فكرة التجديد في أصول الفقه، ما الفرق بين التجديد في الفقه والتجديد في أصول الفقه؟
لأن التجديد في أصول الفقه هو إلغاء للفقه الإسلامي القديم، وإيجاد فقه جديد، وهو أمر مرفوض ولا يتواءم مع الشريعة الإسلامية فالتجديد لا ينبغي أن يكون في أمور الدين الأساسية، وإنما في الأمور التي يحيا بها الإنسان ويحقق المقاصد الكلية للشريعة الإسلامية، لأن الدين الإسلامي متجدد بذاته في كل زمان ومكان، ولا يصح التجديد في أصول الدين ولا في عقيدته ولا شريعته، وإنما التجديد في الفكر الإنساني الذي يجب أن يكون متوائما مع الدين عقيدة وشريعة واصول الفقه من الثوابت في الدين، وانما يجوز التجديد في الفقه الإسلامي بما يستحدث في الحياة من معاملات وعبادات لأن كما قلنا الشريعة الإسلامية صالحة لكل زمان ومكان.
*من المستجدات الطبية المعاصرة إنشاء بنوك للأجنة فما الحكم الفقهي لها؟
فكرة انشاء بنوك للأجنة موجودة في العالم بشكل كبير وبخاصة في الدول الأوربية والأمريكية والدول المتقدمة، لكن الدول الإسلامية تختلف تماما عن هذه الدول الأخرى لأن بنوك الأجنة في العالم الغربي يمكنها أن تستخدم الأجنة كيفما يشاءون، لكن في الدول الإسلامية لابد لها من ضوابط شرعية وفقهية تقوّم هذا الأمر اذ أن الإسلام يمنع تدخل أي عنصر ثالث بين الزوجين في عملية الانجاب كم يمنع فكرة بيع وشراء الحيوانات المنوية أيضا، ولأن بنوك الأجنة في الغرب تعيش فوضى عارمة في تضييع الأنساب، فتستخدم مني رجل واحد لتلقيح عشرات النسوة في وقت واحد وهو ماحرمه الإسلام واعتبر دخول منى رجل لامرأة غير زوجته من الزنا، فعن عبد الله ابن عمر قال (نهى النبي صلى الله عليه وسلم عن عسب الفحل) وهذا في الحيوان فما بال الإنسان الذي دعي إلى حفظ الأنساب، لكن لا مانع من عمليات التلقيح التي تتم بين الزوجين كعمليات طفل الأنابيب.
*وما رأى الفقه في عمليات الاستنساخ ؟
عمليات الاستنساخ البشرية لا تجوز شرعا سدا للذرائع ومنعا لما يترتب عليها من اختلاط الأنساب، والاختلال في العلاقات الاجتماعية ،وانهيار الأسرة، ونظام الزواج، وحرمان البشر من الأسلوب الطبيعي للاستخلاف، أما في الحيوانات والنبات فهى جائزة ومعظم الزراعات تقوم على اخذ جزء منه وزرعها في الأرض وهى جائزة لأن فيها منافع للناس.
*هل يجوز إنشاء بنوك ألبان الأمهات في الشريعة الإسلامية باعتبارها من المستحدثات الفقهية؟
العلة في فكرة إنشاء بنوك ألبان الأمهات لها اثار عديدة فيما يترتب عليها من الإرضاع، فجوهر الخلاف أنه يترتب منه أمور شرعية كعدم معرفة من رضع أن يتزوج من اخته في الرضاعه دون أن يعلم، بجانب تعدد الامهات اللائي ارضعنه أو تبرعن بلبن رضاعتهن وما يترتب على ذلك من اثار، لكن الراجح أنه لا تترتب أي حرمة على رضاعة أي طفل من البان هذه البنوك كأن تقع حرمة في الزواج أو غير ذلك مما يترتب عليه لأن مذهب أبي حنيفة نص على أن الرضاع لا يحرم إلا إذا تحققت شروط ومنها أن يكون اللبن الذي تناوله الطِّفل لبن امرأة وأن يصل إلى جوفه عن طريق الفم ولا يكون مخلوطا بغيره كالماء، أو الدواء، أو بلبن امرأة أخرى، فهنا لا يثبت به التَّحريم ولو خلطنا لبن امرأتين فإن العبرة للغلبة لمن كان أكثر وهنا يحدث جهالة بمعلوم من هي أكثر من الاخري، والرضاع هنا لا يثبت بالشك، فإن تناوله الطفل لا تثبت به الحرمة، لأن الرضع لا يقع عليه، وقس على ذلك أيضا اللَّبن المجفف، والذي يصبح مسحوقا جافا بحيث لا يتيسر للطفل تناوله إلا بعد خلطه بالماء لا يثبت التحريم عليه شرعا، وبذلك فإن لبن الرضاعة الَّذي يجمع لإعداده لتغذية الأطفال بأى طريقة من الطريقتين السابقتين ويجمع من نساء عديدات غير معلومات بعد الخلط، فالنصوص الفقهية واضحة في أنه لاتقع علة في ذلك من الوجهة الشرعية، لعدم إمكان إثبات التحريم في حالة عدم المعرفة، بمن ينسب إليها، وفي حالة تبريد اللَّبن وبقائه شهرين أو ثلاثة صالح للتناول، أو إعطائه للأطفال بحالته الطبيعية فإن عامل الجهالة يبقى دائما، ومن ثم لا يترتب عليه أي موانع شرعية.
*التعامل مع البنوك يندرج تحت فقه المستحدثات فما حكم التعامل مع البنوك وأموال البنوك ؟
الشريعة الإسلامية اهتمت كثيرا بجانب المعاملات وبخاصة المعاملات الاقتصادية واخذ فقه الواقع أو فقه المستحدثات جانب التعامل الاقتصادي بجزء كبير منه باختلاف الزمان والمكان وظهور بعض المعاملات الاقتصادية الجديدة كالمرابحة، والاستثمار، والعوائد، وغيرها من المصطلحات وأصبح فقه المعاملات الاقتصادية بمفهومة واسع جدا لكن تأتى قضية التعامل مع البنوك وموقف الشريعة الإسلامية منها هي أول المطاف حيث أن التعامل مع البنوك من الأمور المستحدثة التي لم تكن موجودة في عصر التشريع الأول ولا في عصر الصحابة والتابعين ولم يرد بشأنها نص بالإباحة أو الحرمة بل كانت خاضعة لاجتهاد الفقهاء وكان اجتهاد الفقهاء كل على حسب عصره ولذلك فان مجمع البحوث الإسلامية اتفق على أن التعامل مع البنوك مبنى على مراعاة مصالح الناس وبالتالي فإنها يجوز التعامل مع البنوك وهو الغالب والراجح وما بعد ذلك من تعاملات فانها تخضع لأحكام الشريعة الإسلامية وأول شروطه خلوها من الربا لعلة التحريم فيه.
*كثير من الجدل ثار حول تجسيد الأنبياء واعتبروه من فقه المستحدثات فما حكم الشريعة الإسلامية منه؟
بالطبع لا يجوز مطلقا أن يتم تجسيد الأنبياء والرسل والمبشرون بالجنة وآل بيت النبى صلى الله عليه وسلم، والأزهر الشريف ودار الإفتاء ومجمع البحوث الإسلامية اجمعوا على حرمة تجسيدهم والعلة في ذلك حتى لاتعلق بالاذهان صور هؤلاء الفنانين بصور الصحابة ولقدسية مكانتهم عليهم رضوان الله اجمعين.
