رئيس التحرير
عصام كامل

سيدي الرئيس: ادعم صفا ثانيا بإعلام الدولة


أشار الرئيس السيسي أكثر من مرة إلى أن الخطاب الإعلامي له دور كبير في حالة بناء الدولة في الفترة القادمة، وأمام هذا النداء وجدنا الإعلاميين «ودن من عجين، والثانية من طين»، فهم يتعاملون مع الظرف المصري الراهن وكأنه ظرف طبيعي سوي، لا يحتاج أكثر من «فزلكاتهم»، وتعبيراتهم الفجة والدالة عن ضحالة ثقافة الكثيرين منهم في برامج التوك شو، بل الكثيرون منهم مع كثرة ظهورهم على الهواء مباشرة، وكأنهم لا يوجد غيرهم في مصر، يقعون في أخطاء فادحة، أخطاء تدفع الدولة المصرية ثمنا كبيرا لها أحيانا، ويدفع المواطنون أيضا من أمنهم وأمانهم ثمنا ليس هينا.


هل أذكركم بلطم الوجوه لبعضهم على الهواء مباشرة، أم هل أذكركم بسقطات مريعة في الحديث عن دماء غزة؟ أم هل أذكركم باقتراب حدوث أزمة دبلوماسية بين مصر وإحدى الدول العربية؟ لا أعتقد أني بحاجة لأذكركم لأنه تقريبا كل يوم به الجديد من الأخطاء المهنية التي تمثل وقودا للشحن في قنوات معادية أخرى.

ما القضية التي يناصرها الإعلام الحالي؟ هل يناصر حرية الرأي والتعبير؟ أم يناصر حالة بناء الدولة ومواجهة الإرهاب؟ أم يناصر غرس روح الوطنية؟ أو حتى يناصر أو ينافق السلطة؟ أسئلة محيرة لا أستطيع أن أجد إجابة لها، لأنني لو افترضت أن هناك شيئا من هذه الافتراضات يناصرها الإعلام، حتى لو افترضنا أنه يريد أن ينافق السلطة؛ فإنه تحت أحسن الظن يفعل ذلك بعدم مهنية وبأخطاء جمة.

من وجهة نظري الإعلام الخاص تحديدا في هذا الوقت الراهن لا يناصر إلا مجموعة من المصالح الخاصة به، واستمرار الكثيرين من الإعلاميين في الظهور هو خطأ كبير جدا، يحتاج لتدخل ما، نحتاج لإحالة الكثيرين منهم للتقاعد، أو على الأقل، تحويل الكثير من البرامج اليومية لأسبوعية، وأكرر، وصل الشارع المصري لحالة تشبع مريرة من الكثيرين من هذه الأوجه. واستمرارها في الظهور دون أن تغير أو تراجع نفسها بشأن أخطائها المهنية هو علامة استفهام كبيرة.

إني أفهم نداء الرئيس بوجود إعلام داعم لبناء الدولة المصرية، على أنه نداء لبرامج إعلامية هادفة تغرس روح العمل وحب الوطن، لا أعتقد أن المقصود أو المطلوب نفاق السلطة والتجاوز عن أخطائها، لأن هذا لن يفيد أي أحد إطلاقا، لكن السؤال: لماذا يتجاهل الإعلام الخاص هذه النداءات؟ والأهم: لماذا لا يقوم إعلام الدولة بتحقيق هذا؟

صحيح إعلام الدولة الذي كان رائدا في الستينيات ومسار تعليم للإعلام العربي كله مع السبعينيات إلى الثمانينيات، قد تلقى ضربات موجعة على يد الإعلام الخاص أحيانا، وعلى يد السلطة نفسها عندما حولته لبوق نفاق في أغلب الأوقات، لكن يبدو أنه لا مناص من إصلاح هذا الإعلام، لا مناص من تحويل هذا الإعلام – خاصة في ظل وجود إعلام معاد – لإعلام هو الأقرب للشعب المصري من غيره من القنوات الخاصة التي كثيرا ما يهتم بعضها بمصالحها أكثر من مصالح الوطن.

لا مناص من أن يعود المواطن المصري من جديد يثق في أجهزته الإعلامية الحكومية – والمفروض في كل الأجهزة الحكومية، ويكون الإعلام الرسمي هو الملجأ له من الفساد أو الظلم، يرى فيه محاسبة وشفافية وتواجدا واهتماما بقضايا المواطنين البسطاء. لا حل سوى أن يظهر في إعلام الدولة صف إعلامي ثانٍ قادر على جذب المواطنين.
والبقية في المقال القادم إن شاء الله.
الجريدة الرسمية