رئيس التحرير
عصام كامل

غزة تُرْبِك معادلة الصراع


الآن يمكن القول إن معادلة الصراع الإقليمى التاريخى بالشرق الأوسط قد تغيرت.. قالت القناة الثانية الإسرائيلية: لقد فعلت حماس ما لم تفعله كل جيوش العرب وحزب الله، وضربت تل أبيب بالصواريخ.

بكلمات أخرى.. لقد صار للمقاومة الفلسطينية أظافر وأنياب وذراع طويلة، بعد أن وصلت الصواريخ إلى تل أبيب والمستوطنات والمدن الحيوية بل منطقة مفاعل ديمونة، الأمر الذي يؤكد أن معادلة الصراع العربى الإسرائيلى تتغير بشكل جذرى.

لم يكن بحسبان إسرائيل أن يصل صوت طلقة رصاص واحدة إلى مسامع المواطن الإسرائيلى في أية مدينة، ذلك لأن المتابع لأجندة المواجهات العسكرية التي خاضتها إسرائيل طوال تاريخها، يدرك أن إستراتيجية الأمن الإسرائيلى ترتكز إلى تكتيكيين رئيسيين..

الأول- "الذراع الطويلة" من خلال سلاح طيران ذى قدرة فائقة على الوصول لأبعد نقطة تمثل تهديدًا لأمنها.. والثانى- "نقل المعارك لأرض الغير" بمعنى أن يكون مسرح المواجهات العسكرية المباشرة خارج الحدود الإسرائيلية بمسافة تضمن عدم تعرض الداخل الإسرائيلى لأى أذى حتى لو كان صوت الانفجارات.

المعادلة الآن تتغير، تكتيكات الدفاع الإسرائيلية تسقط أمام أعينها.. لم تعد هناك نقاط بعيدة تتطلب وصول الذراع الطويلة إليها، بعد أن صار مصدر النيران تحت أقدامها، وأيضًا لا مجال لنقل المعارك لأرض الغير؛ لأن العدو صار تحت أنفها!

زِد على ذلك أن الداخل الإسرائيلى لم يعد بمأمن من وصول الخطر المتمثل في الصواريخ، أيًا كان حجمها وتأثيرها، بعد أن ثبت بالقطع أن التأثير النفسى هو الأشد خطرًا على سكان الداخل.

إذن.. المستجدات على الأرض تؤكد ما ذهبت إليه من تغيير معادلة الصراع العربى الإسرائيلى والسبب الأول صواريخ المقاومة، فقد تراجع تأثير القبة الدفاعية الحديدية في منع أو تحييد وصول الصواريخ إلى أهدافها، وانتقلت المواجهة الفلسطينية من مرحلة المباغتة الاستباقية إلى مرحلة تحديد موعد إطلاق الصواريخ وأماكن وصولها، بل إن أسامة حمدان، رئيس العلاقات الخارجية في حركة حماس، أكد أن الصواريخ صناعة غزاوية مائة بالمائة، وأن كل صاروخ يطلق من غزة يصنعون غيره خلال ساعات، وأن لديهم استعدادًا للصمود شهورًا طويلة، ويملكون مفاجآت أخرى.. ولعل ذلك ما دفع "حماس" إلى رفض أية مبادرة للتهدئة ما لم تحدد هي معالمها وفقًا لمستجدات الصراع.

نحن أمام ملامح جديدة للعلاقات وتوازن القوى بالشرق الأوسط.. فما يحدث الآن سوف يشكل رقمًا مهمًا على طاولات المفاوضات من الآن فصاعدًا.
الجريدة الرسمية