رئيس التحرير
عصام كامل

هل قتل الربيع العرب – أم جاء الربيع ليقتلوه ؟


كثيرا ما تطلق الولايات المتحدة ألقابا ومسميات عندما تتعامل مع العالم الثالث، قالت إنه الربيع العربى! فهل جاء هذا الربيع ليقتلهم أم هم الذين قتلوه؟ ليس هناك شك في أن الربيع جاء ليقتل العرب، كل العرب، فمن لايقتل ولم تسل دماؤه اليوم، سيقتل غدا!



قتل الربيع من يستحق ومن لايستحق، قتل الحكام أول ما قتل، منهم من هرب، ومنهم من سجن، ومنهم من سالت دماؤه! ثم قتل المواطنين الذين ثاروا على الظلم والطغيان، ثم قتل الشجر وقتل الحجر! قالوا له ارحل فقتلوا دون ذنب، تجنبوا المظاهرات وحاولوا أن يكونوا على الحياد، فطالهم القتل وهم آمنون في بيوتهم أو سائرون في الطرقات (( وإذا الموؤدة سئلت، بأى ذنب قتلت)) قتل الأطفال والشيوخ والعجائز والشباب بسبب وبدون سبب! 

نهب وسرق المتاحف والآثار والتراث، وكذلك البيوت، وكثيرا من ممتلكات الفقراء والأغنياء، الربيع لم يرحم فليس له قلب، لم يفرق بين الثمين والغث! بين الطيب والشرير، بين التقى والفاسق، ربيع بلا ضمير، فرق بين حاكم وحاكم، كان شديد القسوة على البعض، وأمهل بعض حكام الخليج الذين أمدوه بسيل دافق من أسلحة البطش الفتاكة وجبل من أموال، هي لا تعود لهم، فهى أموال الله استخلفهم عليها، إلا أنهم قتلوا بها النسل والحرث.! فمتى سيكون ربيعهم.؟ أم أنهم يحبون الربيع ويحبهم.؟ إذا كان ذلك كذلك فسوف يأتيهم خريف ملبوس بالسواد يكون أسود من قرن الخروب!

ولقد ذاقت مثل ذلك اليوم الأسود "الكويت" لكنهم لم يعتبروا، جميعهم شاركوا في دمار العراق وليبيا وتونس واليمن ومصر وسوريا واليوم غزة تئن من قسوة هذا الربيع الأصم الأعمى، لأنه لايرى ولا يسمع ولكنه يتكلم، ينطق بأعلى صوته مكبرا باسم الله (الله أكبر) يقتل ويذبح ويشرب الدم الساخن بعد نزع القلوب من الصدور، ويقول الله أكبر!

 الله أكبر على من طغى وتكبر وسعى في الأرض الفساد!

الله أكبر على هذا الربيع الذي لايستحى من الله ولا يخشاه، ينادى علماء هذا الربيع بالتحريض على قتل علماء الدين المسلمين وغير المسلمين، يأمرون بالمنكر وينهون عن المعروف! أي علماء هؤلاء؟ وأى مجرمين هم الذين يتبعونهم؟ والذين هم أداة لأوامرهم؟ ألم تحدث مثل هذه الفتن في صدر الإسلام منذ اعتلت بنى أمية الخلافة؟ 

ألم يسطر التاريخ معركة كربلاء التي خرج فيها أهل الكوفة وأغلبهم من صحابة الرسول، وشهدوا الشهادتين، ومنهم من اشترك معه في بعض الغزوات، هؤلاء خرجوا بسيوفهم على ابن بنت رسول الله فاطمة الزهراء ليذبحوه ويفصلوا رقبته عن جسده ويعلقوها على الرمح هدية ليزيد بن معاوية، قتلوه ومثلوا به وقتلوا الأطفال والنساء وسبوا ماتبقى من نساء أهل البيت!

هل نعد هؤلاء من المسلمين أم من المنافقين؟ لقد حرم الله ورسوله قتل النفس حتى على أهل الذمة وعلى المشركين، ولقد استهجن المسلمون ما قامت به هند زوجة أبى سفيان عندما استخرجت قلب حمزة من صدره بعد أن استشهد بضربة سهم غدر في إحدى الغزوات ومزقته بأسنانها، ولم يكتفوا بما فعلته ولكنهم قطعوا أذنه وأنفه وذكره وعلقوها على الجدران، ربما كان ذلك مقبولا من أناس كانت ما زالت تعبد الأصنام ولم تدخل في الإسلام!

لكن ماذا نحكم على الربيع الذي لم يرحم، لا النساء ولا الأطفال ولا الشيوخ؟ اغتصب كل ما هو كائن أمامه حتى الحجر والشجر، دمر المساجد والكنائس والمعابد، ساوى بين القرآن والإنجيل فحرق كليهما، قتل العالم والراهب والمطران، ويقول الله في كتابه ( ظهر الفساد في البر والبحر بما كسبت أيدى الناس ليذيقهم بعض الذي عملوا لعلهم يرجعون )، فهل من الممكن أن يعود الربيع لرشده؟ هل يمكن للقائمين عليه الذين يمولونه بالمال والسلاح أن يتراجعوا عن غيهم؟ هل يمكن أن ينقلب عليهم الربيع فيدمرهم؟

نحن لا نتمنى لهم ذلك كما تمنوه لنا، ولكنهم استعملوا مال الله الذي استخلفهم عليه في كل ما حرمه الله ورسوله، ويدعون أنهم هم خدام الإسلام والحريصون عليه! ومع كل هذا لم يرجع الربيع السيادة للشعب في البلاد التي قتل حكامها وجعل شعوبها تقتل بعضها البعض، أما الدول التي قتلت هي الربيع، التي ما زالت فيها الملك (العاهل) مثل الأردن والمغرب ودول الخليج الذين يعتبرون الشعب رعية يمنون عليه ببعض الحقوق الجزئية التي لا تلبى رغبة العيش المشترك للكينونة الحرة، كما يمنحه الموروث أيضا صفة الشخصية المقدسة التي تتعالى على كل ما هو دنيوى متغير، الأمر الذي يجعل العلاقة بين الشعب والعاهل غير متكافئة وغير مكتملة، لذلك يصبح الشعب غير متكامل السيادة لكى يمارس صلاحيته بالكامل دون وصاية من الراعى أو العاهل، أي أنه ما زال يرزخ تحت العبودية، فحريته جزئية مالم يتخلص من رواسب الموروث العبودى !
Dr_hamdy@hotmail.co

الجريدة الرسمية