رئيس التحرير
عصام كامل

عفاريت "محلب" وتوقيته العجيب


من غير المقبول أن يتم إجبار شعب قام بثورتين على النوم مبكرا في ليل الصيف لمجرد أن من بيده القرار يستيقظ مبكرا.
فعلها مبارك من قبل عندما تفرعن وظن أن السلطة ستدوم، ويفعلها محلب الآن مكررا نفس الخطأ، المخلوع كان يستيقظ مبكرا فقرر التنكيل بـ 85 مليون مواطن وإقلاق راحتهم وحرمانهم من النوم وفقا لنظرية " أنا الرئيس"، ومحلب هو الآخر يستيقظ مبكرا بناء على "تعليمات الرئيس"، فقرر العودة إلى نفس نظرية مبارك، بإخراج العفريت أو التوقيت، من العلبة ليبتلينا به دون استطلاع رأى الشعب في قرار يمس صميم حريته.

أتفهم أن يصدر رئيس الوزراء قرارات دون الرجوع للناس أو جس نبضهم إذا كانت تصب في خدمة المصلحة الوطنية، لكن قرار إحياء التوقيت الصيفى "الميت" الذي تخلص منه المصريون وشيعوه إلى مثواه الأخير منذ 3 سنوات، لا يخدم المصلحة الوطنية، بل يضرها لأنه مرفوض ومكروه ومبغوض من الجميع، وقد يؤدى إعادة فرضه على الناس فرضا إلى خلق حالة غليان واحتقان وغضب وعنف أراها تتجسد وتتشكل لدى البعض الآن.

أقول للسيد محلب "لم نقم بثورتين من أجل أن تأتى لتفرض علينا شيئا لا يريده الناس، لسنا مجموعة غنم أو رعاع أو أبقار لكى تسوقنا بقرار يتنافى مع صميم حرية وإرادة هذا الشعب، وأتحداك، إذا أجريت استفتاء عشوائيا بين مليون مصرى على هذا التوقيت البغيض لن تجد شخصا واحدا وسط المليون يؤيد استمراره، وحتى إذا كانت الحجة والمبرر هو توفير الكهرباء، فقد ثبت أولا أن هذا التوقيت يوفر ميجا وات واحد، ثانيا لم يعد هناك مجال للحديث عن توفير في الطاقة، لأن الكهرباء تنقطع قسرا وعنوة ورغم أنوفنا كل يوم في بيوتنا بالساعات راضين بما قسمه الله لنا من ظلام.

اعترف أننى أكن كراهية تصل إلى درجة "الحالة المرضية" لفكرة تقديم الساعة 60 دقيقة في الصيف تحديدا، إلى حد أننى طرت فرحا بعد قرار عصام شرف بإلغائه بعد ثورة يناير، باعتباره أحد إفرازات نظام مبارك العفنة، واعترف أيضا أن سر هذه الكراهية أننى من عشاق ليل الصيف، وهذا التوقيت يحرمنى من هذه المتعة، لأننى مثل كل المصريين مضطر للنوم بعد صلاة العشاء حيث تكون الساعة لامست الحادية عشرة، وعندما تقرر الجلوس قليلا تفاجأ بأن الساعة قد أصبحت الثانية صباحا، وكلما اقترب موعد تطبيق توقيت "محلب - مبارك" المسمى بالصيفى، أشعر بـ"غصة" في قلبى وبألم وقرف واكتئاب وإحباط ليس له مثيل.

وحتى إذا كان البعض يتشدق بأن هذا التوقيت مطبق في بعض دول أوربا، فلماذا لانأخذ من أوربا إلا الأسوأ؟ وأين نحن من الغرب في مستوى المعيشة والرواتب والبنية الأساسية والخدمات والرفاهية.

كم مرة اضطررنا لتغيير ساعاتنا اليدوية وموبايلاتنا وساعات الحوائط في بيوتنا هذا العام؟ كل من أعرفهم يعانون حالة ازدواجية وارتباكا طوال شهور الصيف وترتبك الساعة البيولوجية بسبب تكرار عملية تقديم وتأخير الساعة كل بضعة أيام، شركات الطيران تتعرض لخسائر، المسافرون وأصحاب المحال التجارية أيضا يصابون بالضرر بسبب عملية "اللخبطة" الناتجة من تغيير الوقت.

أقول للسيد محلب " كفى عبثا بالساعة.. اترك الوقت لخالق الكون.. فنحن راضون بالتوقيت الإلهى الطبيعى الذي وضعه الخالق"، فما فينا كشعب يكفينا.. و"الخرابة" مش ناقصة عفاريت. 
الجريدة الرسمية