رئيس التحرير
عصام كامل

عذاب القبر والخطاب الديني.. ابدأ بالأزهر يا فضيلة الإمام!


مدرستان تحكمان الفتوى والفقه في العالم الإسلامي لا ثالث لهما، الأولى القديمة، وهي مدرسة النقل، وهي التي تقدم النص على العقل، تعود للنصوص في كل شيء وهذه ليست المشكلة، إنما المشكلة في أنها تعود للنصوص لتحملها على ظاهرها، لا تفكير ولا اجتهاد، شعارهم لا اجتهاد مع النص، وهذا أيضا ليس المشكلة، إنما المشكلة وكما يقول الشيخ الغزالي " آفة أمتنا أنها تركت القرآن للسنة ثم تركت السنة لأقوال العلماء ثم تركت أقوال العلماء إلى الحواش " هذه الحواش الآن هي النصوص التي يتمسك بها أنصار هذه المدرسة، فأصبح ليس من ينكر القرآن هو الكافر وإنما من ينكر فتوى لأمير داعش مثلا أو ينكر حديثا للبخاري، أو من يرفض فتوى جاء بها وقالها ابن تيمية، وهكذا !

ومن هذه المدرسة وبسببهها تقطع داعش رءوس أسراها لأن القرآن يقول " فقطع الرقاب " رغم أن آية القرآن تتحدث عن معتدين ولا تتحدث عن معتدى عليهم وتتحدث عن مخالفين في الوطن أي غازين له ولا تتحدث عن المتقاتلين من أبناء الدين الواحد أو الوطن الواحد وهي في الأخير أي قصص وليست أي تشريع مثلها تماما مثل آية " وإن قاتلوكم عند المسجد الحرام فقاتلوهم فيه " ! لكن، العقول توقفت عن الفهم وعن التفكير وعن الإدراك وعن الاجتهاد والنتيجة كوارث تنال من صورة دين الله العزيز الحكيم!

المدرسة الثانية هي مدرسة العقل في فهم الإسلام، يري أنصارها أن مسئوليتهم الأساسية هي مطابقة الشرع على الواقع، ولأن النص الديني جاء لإسعاد الناس وإخراجهم من الظلمات إلى النور ولأن النص الديني مرن بطبيعته، لذا يرى هؤلاء أن الدين بفضل ذلك صالح لكل زمان ومكان، لذا لا يجتهدون مع النص، وإنما يجتهدون في النص، يتناولون النص القرآني ويفهمونه بأكثر من طريقة، أولاها قياسه على آيات أخرى تتكلم في نفس الموضوع أو تتناول نفس غايات النص المذكور، ثم أسباب نزول النص نفسه، ثم تطبيق النص على الواقع عند السابقين إن وجد، وبعدها يستخرجون الحكم والرأي، فمثلا آيات الجهاد ترى كلها مع بعضها، ويتم فهمها هكذا، ثم يبحثون عن تطبيقها مع أسباب نزولها وهكذا!

المدرسة الأولى جمدت الإسلام عند القرنين الأول والثاني، لا تزال الأسئلة الشرعية المعاصرة يعود شيوخنا إلى فقهاء القرنين الأول والثاني للإجابة عنها، لم يفعل إلا القليل ما فعل الأوائل، الذين اجتهدوا هم أيضا بمعطيات زمانهم، فظهر أبو حنيفة ومالك وابن حنبل والشافعي، اليوم نعيش عالة على فقه الأوائل ولهم منا كل الاحترام والتبجيل، لكن ليس لهم قداسة ولا "تقديس"، نريد فقها عصريا، يعيد التفاعل مع العصر، يقدم إجابات عن أسئلته، فإن لم تستطع مدرسة النقل على التحدي وهي بالفعل غير قادرة عليه، فعلى أصحابها التنحي وترك رجال المدرسة الثانيه، والتي لا ينول رجالها إلا السباب والشتائم والاتهامات، كلما اجتهدوا واعملوا عقولهم، وهنا، إلى من سينحاز شيخ الأزهر، ونراه حنفيا بغير جدال، وأبو حنيفة رائد مدرسة العقل في فهم الإسلام، وكان محمد عبده أهم أبنائها، والأول أسماه العقل الجمعي العربي بالإمام الأعظم، والثاني أسميناه الأستاذ الإمام، فإلى من سينتصر الإمام الأكبر، إن كان يريد تجديدا للخطاب الديني؟!
النصيحة: ابدأ بنفسك يا فضيلة الإمام، أي بالأزهر، وفيه ما يحتاج للمراجعات الكثير والكثير، وللحديث بقية!

الجريدة الرسمية