رئيس التحرير
عصام كامل
Advertisements
Advertisements
Advertisements

"انحراف حاد".. تكشف حقيقة النبي الذي سبق الرسل وعلم " موسى"

فيتو

"انحراف حاد" هي الرواية الثالثة للمبدع "أشرف الخمايسي"، بعد "الصَّنم"، التي صدرت أولى طبعاتها سنة 1999م، عن الهيئة العامة لقصور الثقافة، ثم روايته، الأشهر، "منافي الرَّب"، والتي صدرت في 2013م، عن دار الحضارة للنشر.

في هذه الرواية، التي صدرت، مؤخرا، عن الدار المصرية اللبنانية، يضع "الخمايسي" تفصيلة جديدة في لوحته التي قرر رسمها بالكلمات، لوحة الخلود، فـ"انحراف حاد" استكمال لمشروعه القائم على أعمدة الموت، هذا الموضوع الذي يبدو أنه قد استولى تماما على القريحة الإبداعية لدى هذا الروائي.

ففي "الصَّنم" يحاول "مَرز"، بطل الرواية، أن يخلد ذكرى زوجته ومحبوبته "جوهرة"، فيقضي عمره ينحت صخرة ضخمة، من فرط ضخامتها تغيب خلفها الشمس بعد العصر، ليجعلها تمثالا لـ"جوهرة"، كأنه، بفعل النحت، يستعيدها من مخالب الموت الذي اقتنصها.

تتطور الفكرة في "منافي الرَّب"، حيث يفكر الإنسان في الهروب بنفسه من الموت، ولأن الهروب من الموت ذاته مستحيل، فقد قرر "حجيزي"، البطل، أن لا يُدفن، على اعتبار أن الدفن هو الموت الحقيقي، وأنه لو بقي بين الأحياء بجثته فقد اانتصر لفكرة الخلود، ليصعد "الخمايسي" درجة أخرى نحو التعبير عن فكرته الأثيرة.

في "انحراف حاد" نرى بوضوح الصعود الثابت للخط البياني لفكرته، فهنا دور البطولة لنبي! اسمه "صنع الله"، نبي يزعم أنه موجود على الأرض من قبل كل الأنبياء والرسل المشهورين، بل إنه علم "موسى"! ما يدفعنا للتساؤل: هل "صنع الله" هذا هو انعكاس لسيدنا "الخضر"؟ خاصة وأنه نبى لا يموت، وهي الصفة التي نسبها الموروث الثقافي الديني والشعبي لسيدنا الخضر وحده.

النبي "صنع الله"، في "انحراف حاد"، دعوته "خلود الإنسان على الأرض بقدرته وعلمه". بل الأغرب أن هذا النبي ينكر وجود يوم "القيامة"، وأنه لا ملائكة هناك، ولا شياطين!
لكن الرواية مخادعة للغاية، فهذا ليس كل شيء، وتجليات "صنع الله" مفاجئة وعجيبة.

ثمة "ميكروباص" يجمع كل أبطال الرواية، هذا تناول ليس جديدا في الأدب العربي، لكن الجديد، والبكر جدا، أن كل شخصيات الميكروباص تقاطعت حياتهم واشتبكت في ظروف عديدة، لكن لا يعرف أي منهم الآخر، فهل سيعرف بعضهم البعض في النهاية؟ "الخمايسي" لا يقدم نهايات هادئة لرواياته.

اعتمدت "انحراف حاد" لغة بسيطة، سريعة، تناسب هذه الشخصيات التي دهستها الحياة، وميكروباص يجري على الطريق بمنتهى السرعة، وبلغ التشويق درجة عالية، بحيث أن القارئ لن يستطيع ترك هذه الرواية قبل التهام آخر حرف فيها.
Advertisements
الجريدة الرسمية