رئيس التحرير
عصام كامل
Advertisements
Advertisements
Advertisements

قوة دفع للأمام.. لا إلى الخلف


حكم مبارك البلاد بقانون الطوارئ ٣٠ سنة، وتميز حكمه بالاستبداد والفساد، ماليًا وسياسيًا وإداريًا وثقافيًا، وشهدت الحريات العامة والخاصة في عهده تدهورًا وانهيارًا؛ ولأنه كان يتعامل معها كعزبة أو تكية، فقد تصور أن حكم مصر يجب أن يرثه أحد أبنائه، كانت "الداخلية" هي نقطة القوة التي استند إليها في استبداده وفساده، وكانت في الوقت ذاته هي نقطة ضعفه بما ارتكبته من كوارث ومآسٍ..

كان إحساس الناس بالظلم والقهر لفترات طويلة هو السبب المباشر لقيام ثورة ٢٥ يناير، ومع أنه تنحى إلا أن التركة الخربة التي خلفها وراءه ظلت قائمة وشاهدة على فساد عهده، وكما فشل المجلس العسكري في إدارة شئون البلاد، فشل الإخوان أيضًا، وكما ذهبت دماء الشهداء والجرحى والمصابين سدى في عهد كل من مبارك والمجلس العسكري، فقد ذهبت هباءً مع الدماء الجديدة التي سفكت في عهدى مرسي والمستشار عدلي منصور..

بعد ثورة ٣٠ يونيو، لم يعد مقبولا أن تعود "الداخلية" إلى ممارسات عهد مبارك، ولا حتى عهد مرسي، ودون الدخول في تفاصيل، يحتاج الأمر إلى وقفة وتقويم.. نحن نريد "داخلية" مهابة، لكن محترمة ومقدرة من المواطنين، هناك دراسات موجودة بالفعل، وعلى يد بعض الضباط المخلصين من أبناء "الداخلية" يمكن الرجوع إليها والاستفادة بها في تطوير وتحديث عملها، مطلوب فعلا وبغير انتقاص من جهود أحد، أو إهدار لما تقدمه "الداخلية" من شهداء وتضحيات، أن نرقى بها وبقدرتها على الأداء العالى في مواجهة الجريمة المنظمة، أن نمدها بكل الوسائل والأدوات التقنية الحديثة التي تعينها على الرصد الجيد والمتابعة الدقيقة وجمع المعلومات الصحيحة، وبالتالي تمكينها من توجيه ضربات استباقية وإجهاضية لأركان الجريمة ومدبريها..

إذا استطعنا تغليب العقل على العضلات، والمنهجية العلمية على العشوائية والارتجالية، وإذا كان عملنا وأداؤنا كان منضبطا وفق الدستور والالتزام بالقانون، فإننا نكون قد نجحنا، والعكس هو الفشل بعينه.. إنه من الضرورى، أن نعمل على تأهيل قيادات وأفراد "الداخلية"، ثقافة وعلما وفهما وأخلاقا وسلوكا وانضباطا وتدريبا، مهما كلفنا ذلك من إمكانات، وذلك لتحقيق أمن وأمان المجتمع والدولة، وحفاظًا على أرواح أبناء "الداخلية" أنفسهم، واستعادة للثقة بين صفوفهم، وبينهم وبين الشعب.. إنه من الضرورى أيضًا، العمل على زيادة أعداد المقبولين في كلية الشرطة، ووضع شروط مثلى للقبول، وتغيير مناهج الدراسة بما يتلاءم مع مستجدات العصر ومتطلبات المرحلة..

لسنا في حاجة إلى القول إن نهضة المجتمع وتقدمه في كل المجالات والميادين لا يمكن أن يتحققا إلا من خلال مجتمع أمن ومستقر.. نريد ألا يلجأ رجال "الداخلية" إلى وسائل غير إنسانية، كاستخراج اعترافات من المتهمين خلال التعذيب، أو انتهاج وسائل انتقامية وحشية وغير آدمية كالاغتصاب وما شابه..

إن سلوك وممارسات قيادات وأفراد الداخلية مع المواطنين في أقسام الشرطة في أمس الحاجة إلى إعادة نظر.. نعلم أن "الداخلية" تتعامل في بعض أو في كثير من الأحيان مع مجرمين وقتلة، لكن ليس كل المواطنين كذلك، السجون هي الأخرى في أمس الحاجة إلى المراجعة، من حيث التحسين والتطوير، بما يكفل التعامل الآدمى مع السجناء والارتقاء بهم..

"الداخلية" مطالبة بأن تكون نقطة قوة، لا نقطة ضعف.. قوة دفع إلى الأمام، لا إلى الخلف.. هناك ثغرات من الضرورى سدها، وعدم تركها أو إهمالها، وإلا فسوف تتسع يومًا بعد يوم إلى أن تصير هوة سحيقة يمكن أن تبتلع أي إنجاز..

Advertisements
الجريدة الرسمية