رئيس التحرير
عصام كامل
Advertisements
Advertisements
Advertisements

دعارة وابتذال وموبقات في رمضان


ثارت ثائرة البعض حين أوقف رئيس الوزراء إبراهيم محلب فيلم "حلاوة روح"، خشية أن تصبح الدولة سيفا مسلطا على إبداع وطروحات أهل الفن.. لكن الحقيقة أن الإيقاف "مستحق" لأن مضمون وأفكار الفيلم تفسد جيلا بأكمله، حتى إن أجيز "للكبار فقط"، لاسيما أن بطل الفيلم طفل لا يزيد عمره على 15 سنة.

لم تهدأ أزمة الفيلم حتى علت أصوات رعاة "الأناركية" لمنع عرض مسلسل "أهل إسكندرية"، ومهما كانت أسباب المنع، فيجب محاكمة من أجاز النص ومن وافق على إنتاجه ومن تسبب في هدر ملايين الجنيهات على عمل يسيئ إلى الشرطة والإعلام الرسمي في مصر، ويكفي أن المسلسل من تأليف "يمني" تخصص في الإساءة إلى مصر، ولم يتطرق يوميا لما يحدث في بلده التي باتت على شفير التقسيم.

ونأتي إلى ثالثة الأثافي ممثلة في غالبية مسلسلات رمضان، حيث بدا كما لو أن هناك اتفاقا على إفساد المجتمع، وتزوير التاريخ وإنفاق مئات الملايين على دراما عنوانها الأبرز "موبقات وابتذال ودعارة"، وهي مضامين يجب الابتعاد عنها في الأعمال الفنية بشكل عام، فما بالنا بعرضها في رمضان؟!

يعرف صناع الفن أن "الميديا" بجميع أشكالها هي "القوة الناعمة" التي تقود المجتمع وتشكل وعيه ووجدانه. وإن فطنت الحكومة لخطورة حقد وسموم الكاتب "اليمني" على مصر وأجهزتها الأمنية على وجه الخصوص، فكان حري بها أن تنتبه لما عرض في مسلسل من بطولة وفكرة فنانة "تونسية".. صحيح أن الحلقات مغلفة بالكوميديا، لكنها لم تعرض إلا ما يعكس صورة سلبية عن مصر، حيث السرقات والبلطجة والإنفلات الأمني وتردي أخلاق الشعب.. ويبقى السؤال أين "التونسية" مما يحدث في بلدها ولماذا لم تتطرق إلى ممارسات وسياسات "الإخوانجية" الذين يحكمون تونس سواء المنصف المرزوقي أو راشد الغنوشي؟!

ونتوقف عند التزوير الفاضح لحقبة مهمة من تاريخ مصر، أنعش خلالها الخديوي إسماعيل بلد الحضارة العريقة، وافتتح مشاريع عملاقة جعلت مصر قبلة العالم وتضاهي حداثة الدول المتقدمة... إسماعيل "المفترى عليه" تحول في مسلسل "سرايا عابدين" إلى حاكم شهواني يقضي جل وقته في ملاحقة وملاطفة زوجاته وحريم القصر. وقد تفننت مؤلفة المسلسل الكويتية هبة مشاري حمادة في الإساءة إلى الخديوي إسماعيل وعهده وبالتالي إلى مصر وتاريخها، وحولت "سرايا عابدين" من قصر حكم ورمز إدارة شئون البلد إلى "سرايا الجنس والمؤامرات".

إن كان منسوب الحساسية يرتفع لدينا من إساءة الكتاب والفنانين العرب فيما يخص مصر وتاريخها ورموزها، بقصد أو دون قصد، فلا يعني أننا نوافق على ما تضمنته مسلسلات رمضان المصرية... ورغم وجود أعمال درامية جديرة بالمشاهدة والإعجاب، إلا أن الغالبية أساءت للمجتمع ولا بد من وقفة حيالها.. الدراما الرمضانية المصرية لم تراع حرمة وقدسية الشهر الفضيل، وحفلت بمشاهد الكباريهات والخمور والقتل والعري والابتذال والإباحية اللفظية وجحود الأبناء، واعتمدت في طرحها على انزلاق الجميلات إلى مستنقع الدعارة تحت سطوة وإغراء القوادين، وزادت جرعة الجريمة والانحطاط والشتائم وسوقية الحديث وبعد أن كنا نكتفي بالإسقاط والتلميح تحولنا إلى المباشرة والتصريح بأفعال فاضحة وابتذال فج وتفاخر بالموبقات في أعمال فنية تهدم ولا تبني، تسيئ إلى المجتمع ولا تنصف أحدا.

مصر ليست بلد دعارة وكباريهات وبلطجية، وإن كان هناك فئة منحرفة وقلة من الخونة، إلا أن الغالبية الكاسحة من الشرفاء والمحترمين وأصحاب الشأن الرفيع.. لذا لا يجب أن يمر محتوى دراما رمضان مرور الكرام، وعلى الحكومة تكليف المجالس المعنية وأهل الاختصاص بتحليل ما جاء في جميع المسلسلات ورصد أهدافها وتأثيرها السلبي على المجتمع، وعلى ضوء النتائج تتخذ ما تراه مناسبا لحفظ سمعة مصر وعدم الإساءة إلى شعبها ووصمه بما ليس فيه من سلوكيات وسمات، حتى إن اضطرت إلى تشديد الرقابة وتجريم الإساءة إلى المجتمع.
Advertisements
الجريدة الرسمية