رئيس التحرير
عصام كامل
Advertisements
Advertisements
Advertisements

تفاحة آدم !


ببساطة، وبرشاقة، يشترك المؤلف محمد الحناوي والمخرج على إدريس في صياغة دراما فريدة في رمضان المنقضي، تختلف عن الضجيج والانفلات الشامل في أغلب مسلسلات الموسم الرمضاني، حتى إنه عبر وبنجاح شديد في تمرير مشاهد فضائحية ساخنة دون أن يشعر بها أحد وبحرفية عالية راعت أنها تقدم عملا تليفزيونيا يذهب للناس في بيوتهم وللأعمال التليفزيونية شروطها التي تختلف عن معايير الشاشة السينمائية التي يذهب الناس إليها بأنفسهم وبقرارهم الحر المباشر وباحتياطاتهم الكاملة بعيدا عن الأطفال والصغار وغيرها من المحاذير!

"تفاحة آدم" دراما تتناول ضحايا الأجهزة الأمنية، التي ليس كل ضحاياها سياسيون يختلفون مع الأنظمة الحاكمة، إنما ضحية ضابط الآداب الذي يريد ترتيب دفاتره وقضاياه ليحصل على الترقية تلو الأخري، حتى لو اضطر إلى تجنيد إحدي البريئات لتعمل مرشدة له، ومع الضغط والتهديد تسقط في شباكه وتسلمه قضية بعد أخرى بعد أن استسلمت له وتنجب سفاحا، بطل العمل، مجهول النسب، المنفصل عن الحياة، فيكرهها بمن فيها، وينتقم ممن حوله بالنصب والخداع، وحظه أن نشاطه كله يتفجر بالموهبة والذكاء مع وصول الإخوان للسلطة، فتكون عملياته كلها ضد الداخلية وضد الجماعة، وفي لحظة حب، ودفء حقيقية يشعر بهما آدم ( خالد الصاوي ) يعود إلى صوابه، ويسعي  بنفسه إلى العقاب لتطهير نفسه، ويوزع أغلب ما حصل عليه من الحرام إلى من يحتاجونه، ليؤسس أسرة تبدأ حياتها بالحلال والعمل وطفله كزهرة تتطلع للنور وللحياة!

هذا ملخص العمل، إتقان لا مثيل له في حبكات النصب، خصوصا على الداخلية ومكتب الإرشاد، دخول جرىء في قضايا حساسة مثل التجارة بالدين والتجارة بالسياسة والتجارة بالشباب والتجارة بالشعوذة و.. واختراق الداخلية وتجنيد البعض للعمل لمصلحة الجماعة!

المسلسل يعيد اكتشاف ريهام عبد الغفور، التي تخترق أغلب الحواجز التي وضعتها لنفسها ليؤكد قدرتها الفائقة على التنوع وإلي آفاق درامية مختلفة، ذكي فطين عبد الوهاب، استطاع بالفعل إشعار الجميع أنه يطارد خيط دخان طوال الحلقات، محمد الشقنقيري يخرج من عباءة الشاب الطيب إلى الشرير، هياتم، تتجاوب مع الزمان وتلعب دور الأم، بشري، شريره بامتياز، محمود مسعود يعود إلى التليفزيون من جديد في عمل حقيقي، مروة ناجي مطربة لا ينقصها شىء وممثلة لا ينقصها شىء أيضا !

على إدريس المخرج السينمائي وظف مهاراته جيدا على شاشة التليفزيون، وربما لم يسعفه الإنتاج في إخراج بعض المشاهد كما ينبغي، ليقنعنا بما فيه الكفاية وخصوصا مشاهد اقتحام ضريح الإمام الشهير للقبض على آدم، كما لم نعرف هل ترك النهاية مفتوحة لإمكانية كتابة جزء ثان أم أن العمل كتب بالكامل وقت وجود الإخوان في الحكم واضطره إلى هذه النهاية؟!

على كل حال، في التعاون الثاني بين خالد الصاوي والمؤلف محمد الحناوي بعد "خاتم سليمان" يبدو الانسجام كبيرا جدا بينهما حتى إنك لا يمكن أن ترى فنانا آخر يمكنه القيام بدور آدم، وهو قمة الأداء الفني العبقري لممثل عبقري، لعب هو نفسه دور الشيطان في تعاون الشرطة مع المجرمين في دور ضابط الشرطة في فيلم "الجزيرة" ليعود وبإتقان يلعب دور ضحاياها في عمل كان الوحيد تقرببا الذي تابعناه في رمضان 'عمدا ومع سبق الإصرار وليس بدواع الصدف أو العرض وقت الإفطار!.
Advertisements
الجريدة الرسمية