رئيس التحرير
عصام كامل

الزلزال والنساء!


ذكرني زلزال مساء الجمعة قبل الماضية، بسؤال قديم. لقد عاصرت الزلزال في مصر أكثر من مرة.. إحداها في طفولتي في خمسينيات القرن الماضي وكنت في المدرسة الابتدائية وفي الفصل حين رأيت المدرسة تصرخ جارية من الفصل زلزال.. زلزال. خرجنا بعدها نجري إلى فناء المدرسة فوجدنا كل تلامذة الفصول وفتحوا لنا الأبواب للخروج.. خرجنا نضحك ونتكلم وكل منا يقول للآخر إن مدرسته شعرت بالزلزال وصرخت جارية من الفصل.

نسيت ما جري مع مرو الزمن حتى زلزال عام 1992. وقع الزلزال وأنا خارج البيت، ليس مهما أن أحكي كيف عدت إلى البيت ولا الهم الذي ركبني وقد انقطعت الاتصالات فلم أجد في أي دكان في الطرق تليفونا يعمل لأطمئن على أسرتي. شبكة التليفونات الأرضية وكانت هي الوحيدة ذلك الوقت، لم تتحمل الاتصالات.. وصلت إلى بيتي وعرفت الرعب الذي جري وكيف ترك الجميع شققهم إلى الشارع أو فناء البيت في الدور الأول. فوجئت بابني الأكبر يقول لي ماما حست بالزلزال قبلنا وصرخت فينا نخرج جري.. مرت الليلة بسلام لكن بحكايات عما جري عند الجيران.

في اليوم التالي بدأت توابع الزلزال، في كل مرة يحدث هذا أجد زوجتي الأولى رحمها الله تصرخ زلزال يا إبراهيم. أنظر إليها مندهشا فتشير إلى النجفة التي فوقي أو أمامي فأجدها تهتز، ظل الحال على ذلك عدة أيام حتى انتهت توابع الزلزال، وكانت هي التي تشعر بتوابع الزلزال، لم أشعر بها أبدا إلا بعد أن تلفت نظري خاصة أنها كانت أقل بكثير في درجاتها من الزلزال الأصلي.

كنت أقابل أصدقائي في المقهي أو العمل، فأجد كثيرين منهم يحكون عن زوجاتهم وكيف تشعرن بالزلزال قبلهم. سألت نفسي هذا السؤال. لماذا حقا تشعر المرأة بالزلزال قبل الرجال. ولأني عرفت أيضا أن الكلاب هي أولى الحيوانات التي تشعر بالزلزال وجدت حرجا في السؤال ولم أسأله إلا في لحظات الضحك مع الآخرين.

ليل الجمعة الماضية وقع زلزال بالقاهرة. عرفت ذلك من تويتر. وكان أول من كتب عنه هم النساء. الشباب والرجال تساءلوا أين هذا الزلزال، وكيف لم نشعر به. وحين ترد فتاة أو سيدة أنه وقع في منطقة التجمع أو مدينة نصر أو مصر الجديدة يقول الشاب أو الرجل أنه يسكن هناك ولم يشعر به. عاد إلىّ السؤال مرة أخرى ولم أستطع أن أسأله بسبب الكلاب التي هي أول ما يشعر به من حيوانات.. والتي تريد أن تقفز على السؤال. 

فكرت أن الأمر طبيعي جدا فالمرأة في الشعر والأدب والفن عموما هي الأرض.. هي الخصوبة. ومن ثم تشعر قبل غيرها بأي حركة في الأرض التي هي منها أو هي هي. لم أجد تفسيرا، قلت على تويتر إن المرأة تشعر بالزلزال قبل غيرها من الرجال ولا أعرف لماذا. انتظرت الإجابة.. جاءني الرد من سيدة قائلة ربما لأنها الأكثر حساسية والأكثر انفعالا والأكثر هلعا أيضا، وجدت أن هذا أقرب إلى الصواب. لكن تظل فكرتي الأولى أقرب إلى روحي وهي أن المرأة هي الخصوبة والأرض رغم أنها من ضلع آدم...
ibrahimabdelmeguid@hotmail.com
الجريدة الرسمية