رئيس التحرير
عصام كامل

«ديمقراطية ديكتاتور (8)» مسرحية لـ«محمد الخضري»

محمد الخضري
محمد الخضري

المنظر الأول:
مظاهرات حاشدة منددة بتردي المنظمة الصحية، وتفشي الأمراض المستعصية بمختلف أنواعها، والتعامل غير الآدمي للمرضى بالمستشفيات الحكومية، ومع اشتعال التظاهرات تكثف قوات الأمن من تواجدها وتقع اشتباكات قوية بين الطرفين وتلقى القبض على عدد كبير من المحتجين، والتليفزيون الحكومي لدولة "مصريوس" يبث الأغاني الوطنية ويؤكد للجمهور أن قلة مندسة ممولة من الخارج تحتج خارج القصر الرئاسي، والأمن ينظم الطريق ويوفر سبل الراحة للمتظاهرين، ويؤكد كذلك أن الرئيس أمر بإجراء محاكمة عاجلة تجمع بين الأطراف المتعارضة لتقريب وجهات النظر بحكمته المعهودة.


المنظر الثاني:
حالة ارتباك وقلق تنتاب جميع من بالقصر الرئاسى، أطباء بمختلف التخصصات يتوافدون للاطمئان على صحة الرئيس عقب سقوطه مغشيا عليه، واتصالات بأكبر صرح طبى عالمى للاستعداد لسفر الرئيس للخارج لإجراء بعض الفحوصات الطبية، والتدخل الجراحي أن استدعى الأمر ذلك.
الرئيس يجلس بإحدى حجرات القصر ويتناول طعام الإفطار، ويدخل عليه "ديوانيوس" وتعلو ملامح وجهه علامات الحزن مخلوطة بالتردد والارتباك، يرافقه في ذلك رجل يبدو وأن الرئيس يجهله.
"ديوانيوس": ألف لا بأس عليك يا سعادة الريس، وعكة بسيطة وتقوم بعدها سبع السباع وأحسن من الأول.
"حسنيوس": اسمع يا "ديوانيوس" من يوم ما جيت اشتغلت معايا وعمرك ما جبت خبر يسر.
"ديوانيوس": ينظر إلى الأرض غاضبا، ويتمتم بكلمات غير مفهومة.
"حسنيوس": بتبرطم بتقول إيه يا غراب البين، وبعدين مين دا اللي جايبو في ديلك وداخل عليا.
... يتقدم الرجل الغريب وينحني ليقبل يد الرئيس.
"حسنيوس": إنت مين يا جدع
"الرجل الغريب": خدامك يا بيه، "حقنيوس" وزير الصحة
"حسنيوس": إزيك يا وزير، مالك كدا وشك أصفر وهفتان.
"حقنيوس": ربنا يطولنا في عمر معاليك، الصحة بقت عال العال لما شفت وشك السمح يا بيه.
"حسنيوس": صحة الناس عاملة إيه.
"حقنيوس": زي البمب يا بيه، الشعب بيطحن الزلط، وصحتهم تهد جبال
"حسنيوس": ما هو شعب فاضى مش وراه غير المظاهرات، إلهى ربنا يهد قواهم.
"حقنيوس": ربنا يسمع من سعادتك، بس لا مؤاخذة بيه، الشعب واقف بره زعلان أوى وعامل مظاهرات علشان إنفلونزا الطيور والخنازير دخلت البلد.
"حسنيوس": ومين الكلب اللى بيدخلها البلد من غير ما يعرفني، إيه يا"ديوانيوس" هي البلد مبقاش ليها كبير ولا إيه.
"ديوانيوس": والله ما أنا يا بيه، أنا سمعت زي زيك، وبعدين الناس بتقول إن دا مرض بيجي في الطيور وبتنقل للبني آدميين.
"حسنيوس": ربنا يسلطه على الشعب المفترى قليل الأصل، وإنتو باه عاوزين منى إيه، خيبة تكونوا عاوزيني أعالج الفراخ.
"حقنيوس": عاوزينك طيب يا بيه، بس الناس خايفة وبتقول عاوزين علاج مضاد للمرض، وكمان عاوزين يعرفوا إيه أعراضه علشان يتفادوه.
"حسنيوس": هو المرض دا بيتصاب بيه مين في الحيوانات
"حقنيوس": الناس بتقول في الفراخ والبط والوز وممكن المعيز
"حسنيوس": سلك أمورك يا وزير، وقول أي كلام، الناس بتصدق أي كلام وكلام، متبقاش راجل تيس كدا، أقلك، طلع تصريح للشعب وقولهم يبصو كويس في عين الفرخة لو كانت عنيها حمرة، وهفتانة وكمشانة في نفسها ومناخيرها بترشح يبقى أكيد عندها إنفلونزا.
"حقونيوس": وحياة ربنا دكتور كبير.
"حسنيوس": شكرا، شكرا، أنا عارف كل حاجة بس مبرضاش اتكلم
"حقنيوس": طب لا مؤاخذة يا بيه، الناس عاوزة تعرف مين اللي دخل الإنفلونزا البلد، وإحنا مش عارفين نقول إيهز
"حسنيوس": سيب الموضوع دا عليا، بس غور شوف شغلك ونادي "ديوانيوس" خليه يجيني بسرعة.
"ديوانيوس": خدامك يا بيه
"حسنيوس": طيران على أي الأرياف أو أي مكان شعبى، تجيبلى أي واد عبيط، ومترجعش الإ وهو في إيدك.
.... يغيب "ديوانيوس" ساعات ويعود بشاب
"ديوانيوس": الواد العبيط الأهبل بره وتحت أمرك يا سعادة البيه
"حسنيوس": خلوه يدخل
... يدخل "ديوانيوس" بصحبة الشاب، وما أن يراه الرئيس فيصيح غاضبا
"حسنيوس": يعنى يا كلب ولعت في قطر الصعيد وسكت، وهديت عمارة مدينة نصر، ومرضتش أتكلم، حرقت مسرح بنى سويف، وقلت سيبوه، وقتلت عشر تنفار في بنى مزار وقطعتهم وقلت أهبل، عملت تفجيرات طابا والأزهر وقلت معلش، غرقت العبارة في البحر وصهينت، دخلت الكنايس في الإسكندرية وكنت عاوز تقتل الناس اللي فيها ونفضت، إنما يا مفتري يا ابن المفترى تجيب إنفلونزا الطيور والخنازير البلد وكمان من غير ما أعرف أهو دا اللى كتير أوى، أعمل فيك إيه دلوقتي؟
"الشاب" ينظر هنا وهناك وقلب بصره بين الرئيس وديوانيوس، ويقول، إيه الراجل العبيط، إنت مين يا عم الحاج
"حسنيوس": إيه دا يا ديوانيوس، إنت جايب عيل أهبل يهزأنى ولا إيه
"ديوانيوس": ماعاش ولا كان اللى يهزأك يا بيه، دا عيل مجنون، وإنت يا واد يا قليل الأدب دا فخامة الريس
"الشاب": ريس مين يابا، ريس على نفسه، ولم نفسك إنت وهو أحسن أوريكو الجنان اللى على أصولو.
"حسنيوس": إنت بتصيع عليا يا واد إنت، لا دا أنا صايع قديم
"الشاب": صايع مين يا عم الحج، دا أنا خايف أعطس في وشك أخلص عليك
"حسينوس": شاهد يا "ديوانيوس" أهو قال إنه خايف يعطس، يعني هو اللى دخل الإنفلونزا البلد، خدوه على السجن علطول
"ديوانيوس": أوامر سعادتك، طب والفراخ العيانة نعدمها؟
"حسينوس": فراخ إيه اللى تعدمها يا أهبل، هو الشعب لاقي ياكل أصلا، أدى الشعب فراخ خليه ياكل، هو كدا كدا مبيهموش عيانة ولا سليمة
دا شعب مفتري، ربنا يخلصنا منه.
الجريدة الرسمية