رئيس التحرير
عصام كامل
Advertisements
Advertisements
Advertisements

خسارة يا (فؤش)!


ارتبط الكثيرون من أبناء جيلى للأسف بصوت (محمد فؤاد) وهو يُغنى بكُل إخلاص للحُب والهجر والوعد الذي طال له الانتظار والفوتان وفى القلب نار، والعشرات من الأغنيات التي كانت تدفعنا كمُراهقين لإن نعيش في الدور، فنهيم في فضاء الحُجرة، تاركين المذاكرة والدروس، علشان ناخد على دماغنا تانى يوم في الفصل لأننا معملناش الواجب، والسبب هو حُبنا لأغنيات (فؤاد)!

مؤخرًا تحوَّل المُطرب العاطفى الوطنى الجميل (محمد فؤاد)، إلى (فؤش) المتظرِّف، رغبةً في تقديم النسخة الممسوخة لسلسلة برامج (رامز جلال) للمقالب السخيفة، ليسعى (فؤش) بكُل ما تيسَّر من تُقل الدم والاستظراف المُبالغ فيه لإثبات أنه لا يقل سخافة عن (رامز)، وربما جاءت الفكرة للمطرب الذي تسبب في تذنيبنا وضربنا في الفصل بسبب حُبنا لأغانيه، بعدما تعرَّض لمقلب من مقالب (رامز) في رمضان الماضى أو قبل الماضى لا أذكر، ليُقرر التحوُّل من ضحية إلى جلاد، ده لو كانت المقالب بجد أصلًا!

كُنت أعرف ـ زمان ـ أن (فؤاد) خفيف الظل، قادر على اكتساب قلوب المُحيطين به بوده البالغ، ورشاقة حديثه الدائمة، وذلك عبر لقاءاته التليفزيونية وبعض أدواره السينمائية، وربما كانت هذه طبيعة شخصيته بالفعل، إلا أن رغبته ـ مؤخرًا ـ في إظهار نفسه بمظهر الظريف خفيف الظل، المُجبر على إطلاق الإفيهات بسُرعة ستين بيضة في نُص الدقيقة، بدت سخيفة للغاية، وانكسرت كُل إفيهاته وإشاراته وتوعداته الظريفة لضيوفه على حاجز المُبالغة خاصةً مع حشره لأغانيه عمال على بطال بدون مناسبة وبلا مناسبة كمان، ففقدنا فكرتنا القديمة عنه تمامًا للأسف، وتحوَّلت هذه الفكرة من النقيض للنقيض!

في (فؤش في المُعسكر) كانت الطامة، فكرة سخيفة تُرفع خلالها أعلام إسرائيل على سيناء، والحكاية عندى ليست حزقة وطنية وكده والسلام، أبدًا والله، لكن كُل الحكاية إن حتى الموضوع لم يتم حبكه بطريقة جيدة، وقبل أن يقول قائل إن أعلام إسرائيل رُفعت على سيناء في عشرات الأفلام والمسلسلات التي تحكى عن حرب أكتوبر وما قبلها، أقول إن هذه كانت ضرورات درامية لسرد التاريخ وتصويره وتسجيله وتسجيل انتصاراتنا الوطنية مع هذه الأعمال وعبرها، ولا يُقارَن ذلك مُطلقًا بمقلب تافه وسخيف تظهر خلاله هذه الأعلام مُرفرفة على أرضنا وبحرنا بكُل بجاحة وحماقة!

ثم هل المقالب حقيقية فعلًا أم تمثيل في تمثيل وضحك على الدقون؟ تعالى نتكلم بهدوء، لو كان الضحية مُمثل، كُل شغلته في الحياة هي التمثيل (شوف الصُدفة)، بياكل من وراه عيش وبيحترفه، هل هذا المُمثل غير قادر على إنه يفقس الحكاية من طريقة الجنود الإسرائيليين في التصرُف والحديث؟ مش عارف إنهم بيمثلوا؟ طيب مخدش باله.. ماشى.. لما الجنود الإسرائيليون بيعملوا نفسهم بيضربوا كاست البرنامج من مُعدين ومصورين وخلافه، بالذمة والدين ده ضرب يدخل دماغ عيل صغير عُمره ما شاف تليفزيون؟ طبعًا لأ.. طيب دى حركات تدخل على مُمثل مُحترف؟ ماهو يا إما مدخلتش عليه والمقلب مضروب، يا إما دخلت فعلًا والمُمثل هو اللى مضروب، ومعنى كده إن كُل المُمثلين اللى ظهروا في البرنامج مضروبين!

ثم إن بعض الضحايا في عدة حلقات أبدوا مقاومة متفاوتة، ولم يستطع جندى إسرائيلى واحد أن يمد يده عليهم (ناهيك عن الضرب بالنار، أصل الجماعة في إسرائيل بيحافظوا جدًا على الأرواح وحقوق الإنسان ما شاء الله)، وتخيَّل جُنديا إسرائيليا على أرضه (داخل مياهه الإقليمية زى ما بيقولوا طول البرنامج) وأخونا (مصطفى قمر) بيضربه كذا مرَّة، وعمنا (أمير كرارة) بيشتمه بأمه ويضربه برضو، ولا يرُد هذا الجُندى بالقتل أو الإصابة أو حتى يتف عليه، بالذمة مين مُمثل أو مطرب يصدق إن ده مُمكن يحصل، أو لا يلفت انتباهه هذه التصرفات؟!

نيجى للحظة التحقيق، (فؤش) يجلس خلف الميكروفون ليقوم باستجواب الضحية، متصنعًا دور المُحقق الإسرائيلى، سيبك من المُمثلين وخُش عليا في المُطربين واللى هُما كمان مُلحنين، يعنى عندك (مصطفى قمر) و(عصام كاريكا).. الصوت واضح جدًا إنه صوت (محمد فؤاد)، وآذان المطرب والمُلحن صديقى القارئ غير آذان حضرتك وحضرتى والسامعين، أكيد هي آذان أكثر دقة وقدرة على تمييز الأصوات، آذان موسيقية بئا، ناهيك عن عشرتهم الطويلة بـ(فؤاد) والزمالة والصداقة، واللقاءات والبروفات والتليفونات، كُل دى حاجات متخليهمش يعرفوا إن ده صوت (فؤش)؟ والنبى إيه؟! طب والنبى مكانوش بيسمعوا (فؤاد) حتى وهما صغيرين زينا علشان يعرفوا صوته وينضربوا بسببه؟ بينى وبينك (فؤش) فقش كُل حاجة وخلاها مفقوسة أوى!

وخُد النُكتة دى.. (فؤش) في حلقة (أحمد رزق) بعد ما أنهى التحقيق معه باللغة العربية، وقرر ترحيله إلى تل أبيب، سار بين جنوده في الممر خارج حُجرة حجز الضحية، وهو يمنحهم التعليمات قائلًا بكُل جدية وصرامة: يُرَحَل تل أبيب ناو (NOW).. قائد إسرائيلى بيمنح جنوده الإسرائيليين الأوامر بمزيج من اللغتين العربية والإنجليزية، ونسى العبرية تمامًا.. على رأى الفنان (مظهر أبو النجا): يا حلاوة!

أنا حزين لوصول مُطرب مُفضل عندى لهذا المستوى من الإسفاف البعيد حتى عن مجاله الأصلى الغناء، لو طرح (فؤاد) ألبوم مش على المستوى، أو قدَّم أغانٍ لا تليق به، لقُلنا أنها كبوة جواد، وأن رصيده من الأغنيات والألبومات الجميلة يشفع له، لكن أن يتحوَّل ليكون مُجرد مشخصاتى بيرقُص على السلم، لا طايل يكون مُطربا، ولا عارف يبقى مُمثلا رغم أدواره المُمتعة في السينما فيما عدا رحلة حُب وغاوى حُب، ولا قادر يقدم برنامجا مُحترما صادقا مُتزنا حتى لو كان برنامج مقالب.. أعتقد أن المقلب الحقيقى في كُل هذا الموضوع كان من نصيب (محمد فؤاد) نفسه.. يا خسارة يا (فؤش)!
Advertisements
الجريدة الرسمية