رئيس التحرير
عصام كامل
Advertisements
Advertisements
Advertisements

مواطن بالسعر العالمي وآخر بدون ثمن!


منذ أيام قليلة اجتمع السيد الرئيس المنتخب بعد ثورتين عند البعض وبعد انقلاب وثورة سبقته عند البعض الآخر، برجال الأعمال والذين استفاد غالبيتهم من نظام مبارك المنحاز بشدة للأغنياء ولهيمنة رأس المال على الوطن ومن يسكنه وطمأنهم السيد الرئيس مؤكدا على أن مصر سوق حرة ونظامها الاقتصادى قائم على ذلك، لا ضير فالرجل يتمتع بصراحة شديدة وعلى المستوى الشخصى لم يدهشنى في أي من قراراته الاقتصادية التي فرضها على الشعب وخرج بعد ذلك ليبرر لمن انتخبه وأيده وتغنى باسمه وحمل صوره، ضرورة رفعه للدعم عن الطاقة بكافة أشكالها.

لم أندهش من قرار الرئيس لأننى سمعت الرجل يؤكد قبل انتخابه بشهور أنه يعتبر حل مشكلات مصر يتلخص في أن تشترى السلعة بسعرها العالمى وأن الرئيس السادات كان له السبق في ذلك عندما حاول رفع الدعم وفشل بسبب انتفاضة الخبز في عام 77، الرجل لم يخدع أحدا من مؤيديه بل هم من توهموا أنه لن يفعل ذلك أبدا رفقا بهم وأن الإخوان تلاعبوا بالصوت الموجود فيالتسجيلات المسربة !

من حق الرئيس وفقا للدستور أن يفرض السياسة الاقتصادية ولحسن الطالع فالرجل لا يحتاج لفرضها لأنها مفروضة جبرا وواقعيا على المصريين منذ عام 74 عندما اتجه السادات المنتفخ فخرا وزهوا بنصره في أكتوبر، إلى فرض سياسة الانفتاح الاقتصادى والرأسمالية مع أن دستور مصر الدائم لعام 71 كان ينص صراحة على أن مصر دولة إشتراكية !

كل ذلك لا يدهشنى ولكن المدهش حقا أن الرئيس مقتنع تمام بضرورة أن يشترى المواطن المدلل من قبل حكومته، بالسعر العالمى ولكن.... هل نحن كمواطنين نحصل على أجورنا بالسعر العالمى كى ندفع بنفس السعر ! هل الخدمات المقدمة لنا كمواطنين، إفتراضا، مثل التي تقدمها الدول المحترمة لمواطنيها في كافة أنحاء العالم ؟ هل ننعم بالمساواة في التعليم وفرص العمل والترقى في الوظائف مثل الدول التي تعامل مواطنيها بالسعر العالمى، بل هل هناك مساواة حتى في نظافة الشارع الذي يسكنه أغلبية الفقراء وبين الشارع الذي يسكنه علية القوم عندنا والسادة الباشوات والمحظوظين الذين يقبضون بأضعاف السعر العالمى ولا يدفعون مليما للوطن !

ستقول لى حتما، الرجل سيطبق الحد الأقصى للأجور الذي صدعتم به رءوسنا أيها الفقراء الحاقدون والمتاجرون بالفقر والفقراء، أقول لك وحتى لو طبق الرئيس ذلك بقوته على كل الهيئات بدون استثناء فليس ذلك عدلا أيضا !

هل من العدل أن تكون القوة الشرائيه لمواطن يعمل في الدولة مهما كان منصبه تعادل 35 ضعفا للمواطن غير المحظوظ والذي يعمل في نفس الدولة ويخدمها ربما بشكل أكثر إخلاصا من السيد المسئول الذي حصل على منصبه إما بالحظوة أو الواسطة أو الوراثة أو بالمال أو بكل ذلك معا !

العدل أن تكون الرواتب قريبة في تدرجها مراعية للبعد الإنسانى والاجتماعى للمواطنين، العدل أن يتميز البعض وفقا لمجهودهم ولكن بدون أن يحصل هؤلاء على 35 ضعفا لأصغر عامل أو موظف في الدولة، وطالما نتحدث عن السعر العالمى فلنرى أيضا تدرج الرواتب عالميا قبل أن نذل المواطنين الفقراء بحقوقهم التي تسلب يوميا منهم! 
fotuheng@gmail.com
Advertisements
الجريدة الرسمية