رئيس التحرير
عصام كامل

منظومة التموين الفوضوية تضرب سعادة رمضان


فشلت حكومة محلب مبدئيًا في تطبيق منظومة الدعم الجديدة الخاصة بالخبز والسلع التموينية، ربما لاختيارها التوقيت الخاطئ لتطبيقها، خلال شهر رمضان الكريم، وأيضًا تجاهلها حقيقة أن أغلب موردى الأقماح والدقيق والسلع التموينية من الشركات التي تشهد عادة عمليات جرد سنوى ومراجعات مالية تستهلك وقتًا كبيرًا بعد 30 يونيو من كل عام، وعدم جاهزية موظفى التموين أو تأهيلهم لاستيعاب الأفكار الجديدة والإجابة على أسئلة المواطنين الحرجة.

منظومة الخبز كانت الأكثر تأثيرًا في سوء توقيت تطبيقها على المواطنين، حيث لاتزال الوزارة محتفظة بحق إدارة مراحل كثيرة منها دون داعٍ، كأن تظل ملزمة أصحاب المخابز بالحصول على الدقيق استخراج 82 "الرديء" من موردين ومطاحن بعينها، وعدم تحسينه رغم تحرير سعره ليحصل عليه أصحاب الأفران بسعر 320 جنيها للجوال زنة 100 كجم، في حين يباع الدقيق "الزيرو" بسعر حر 280 جنيها فقط، أضف إلى ذلك عدم كفاءة مطاحن بعينها في إنتاج الدقيق الرديء بالأساس، ناهيك عن غياب إلتزام الوزارة بتوريد فارق سعر رغيف الخبز المدعم إلى أصحاب المخابز يوميًا ليقوموا بالإنفاق على مستلزمات الإنتاج، ما جعل كثيرين منهم يتوقفون وينال المواطنون البسطاء عقابًا لا يستحقونه بعد إضطرارهم إلى شراء الخبز السياحى الذي تضاعفت أسعاره بشكل مخيف.

وافتقد مواطنون الشعور بقيمة المنظومة الجديدة التي أكدت فشل فكرة سابقة بفصل الإنتاج عن التوزيع، بعد أن كادت البطاقات الذكية تشعرهم بشيء من الكرامة في الحصول على الخبز، وتنهى مشاهد الطوابير المهينة التي مات خلالها من قبل مواطنون تصارعوا على رغيف كان أصحاب مخابز يهربون خاماته المدعمة ويبيعونها في السوق السوداء، كما جاءت عملية توقف مخابز لتأخر صرف مستحقات أصحابها، لتهدم سعادتهم بدعم رغيف خبز ارتفعت ميزانيته من 14 إلى 21 مليار جنيه بعد ثورة يناير المجيدة، بخلاف أن فكرة الكارت الذكى الذي يتحكم به مفتش تموين مع صاحب المخبز في صرف حصة الخمسة أرغفة لغير الحائزين لبطاقات تموينية، تكشف بيروقراطية الإدارة وتعطيلها إنجاز البطاقات الذكية وتعميمه بعد سنوات من ظهوره كفكرة ابتكرها الدكتور أحمد درويش وزير الدولة للتنمية الإدارية الأسبق.

فشل تطبيق المنظومة بسبب عدم جاهزية العنصر البشرى في الإدارة، واختيار التوقيت غير المناسب لتطبيقها، جعلا لتداعيات تنفيذها إسقاطًا سياسيًا افتعله الإخوان في الشارع، فمع أول ظهور لها نسبوا نجاحها زورًا إلى وزير تموينهم باسم عودة، متجاهلين حقيقة أن الحكومات المتعاقبة تنجز خطوات نحو تعميم فكرة البطاقات الذكية ولا تبتدع جديدًا يمكنها التباهى به صراحة، وبعد توقف أصحاب مخابز عن العمل لتأخر صرف مستحقاتهم، قالوا للمتضررين من المواطنين صراحة "إنه اختياركم الأعمى للسيسي الذي أضر بكم وحرمكم رغيف الخبز المدعم".

نفس الفشل طال منظومة الدعم للسلع التموينية والتي أقرت الوزارة إعادة هيكلتها طبقًا لرؤية لا تراعى التوقيت واستعدادات المتعاقدين معها من الموردين وجاهزيتهم لتغطية السلع الإضافية التي بالغت الحكومة بزيادتها إلى 20 سلعة تقريبًا، حتى انتشرت نكات الحصول على "الفرخة" مقابل 75 قرشًا وكيلو اللحم مقابل جنيه واحد، وأصبحت السخرية من الفكرة أكبر من كارثة غياب السلع التموينية الأساسية والاعتيادية عن محال البقالين، ليدخل الفقراء في مشادات ومشاجرات يومية معهم ويتهمونهم بالتصرف في مستحقاتهم وبيعها في السوق السوداء، بينما تصريحات الوزير ومن حوله تتهم البقالين بعدم السعى لإنجاح المنظومة، رغم أن الواقع يؤكد توقف أكثر من 70 % من هؤلاء عن العمل بسبب خلو مخازنهم من السلع التموينية غير الموردة بالأساس، وخلو مخازن التوريد أيضًا منها لظروف خاصة بالموردين المتعاقدين مع الوزارة، حسبما نقل مسئولو نقابة بقالي التموين لى.

سعادة البسطاء من المصريين بالشهر الكريم ضاعت بسبب التوقيت الخاطئ لتطبيق منظومتى الخبز والسلع التموينية الجديدتين، إضافة إلى البدء في رفع الدعم عن الوقود والكهرباء وتوعد المصريين بإنهاء فكرة الدعم ومصطلحه خلال 5 سنوات مقبلة على الأكثر، وهى خطة لا توازيها أي خطط حكومية واضحة ومعلنة تجيب على الأسئلة الأزلية الحرجة، كيف تقضى على الفساد والأمية والفقر والبطالة وأزمات السكن وتدنى الأجور والتضخم، قبل أن تسلب البسطاء حقوقهم؟ حتى تضمن مجتمعًا آمنًا ودولة مستقرة داخليًا بعد ثورتين..؟!
الجريدة الرسمية