رئيس التحرير
عصام كامل

بالفيديو والصور.. «فيتو» ترصد إهمال آثار الدرب الأحمر.. القمامة تشوه تاريخ المنطقة.. «الحارة النظيفة» اسم على مسمى بفضل أهلها.. ومواطن للوزارة: «خدوا أرضي بس اهتموا وطلعوا الح

فيتو

منطقة الدرب الأحمر.. واحدة من الأحياء الأثرية المهمة، التي تستغيث من إهمال المسؤولين لها ولأهميتها التاريخية التي لا يمكن تقدير قيمتها؛ ويعتبر الحي من أقدم مناطق القاهرة التاريخية، حيث يضم 65 أثرا إسلاميا فضلًا عن احتوائه على الجامع الأزهر.. كاميرا "فيتو" رصدت مظاهر الإهمال في هذه المنطقة باعتبارها من أهم المناطق التاريخية في مصر.

"القمامة تهدد تاريخ المنطقة"
القمامة كانت أول ما رصدته "فيتو" في شارع سوق السلاح، حيث إن القمامة هي السمة الغالبة في الشارع، وبخاصة بجوار المساجد والمناطق الأثرية، وحمل مجموعة من الأطفال صندوقا ممتلئا بالقمامة ليلقوا به بجوار مسجد الأزرق أكبر وأشهر المساجد التاريخية بالمنطقة.

وفي أحد الشوارع المتفرعة من شارع سوق السلاح، نجد مجموعة من المنازل التي انهارت وجهاتها أو انهار جزء كبير من أجزائها ويعاني سكانها من خطر الهلاك في أي لحظة ودون مقدمات.

"الحارة النظيفة"
"الحارة النظيفة".. ليست مجرد حارة قديمة أو أثرية في منطقة الدرب الأحمر أو اسمًا أطلقه أهالي المنطقة لتمييزها عن باقي الحارات، إنها حارة تختلف تمامًا عن غيرها من الحارات في مصر، تشعر عندما تزورها أنك تتجول في مكان يفوح منه عطر التاريخ وأصالته، ويرجع السبب في تميزها عن غيرها إلى أنها تجمع ما بين عظمة الماضي وروعة الحاضر فهى اسم على مسمى تختلف عن غيرها من الحارات التي تمتلئ بالقمامة، فحينما تتجول فيها لا تجد أي قمامة أو مظاهر للتلوث البصري، بل تجد بيوتًا قديمة وشوارع نظيفة.

وقال "عم محمد"، من أهالي الحارة: "إنها فعلًا اسم على مسمى، وسكانها يقدرون القيمة التاريخية لها ويسعون للحفاظ على نظافتها".

وأوضح محمد عواد، أحد سكان الحارة: "الحارة النظيفة" سميت بهذا الاسم لأنها منذ أن أنشئت وهي تختلف عن غيرها من الأماكن المجاورة لها، وشوارعها تتميز بالنظافة وتخلو -تمامًا- من القمامة والحارة من زمان نظيفة وشوارعها جميلة وهتفضل كده بفضل سكانها". 

باب الوزير مجمع للقمامة
تتميز منطقة الدرب الأحمر بعدد من الأبواب التاريخية من بينها باب زويلة، وباب منجك السلحدار وباب الوزير، ويعتبر باب الوزير من أكثر هذه الأبواب شهرة بين الأجيال الجديدة من المصريين؛ لذلك زارته كاميرا "فيتو" لترصد ما وصل إليه الباب من إهمال وتشويه لمعالمه.

ويعتبر باب الوزير، أحد أبواب القاهرة الخارجية في سورها الشرقي، الذي أنشأه صلاح الدين في المسافة الواقعة بين الباب المحروق وبين قلعة الجبل، افتتحه الوزير نجم الدين محمود بن شروين، المعروف بوزير بغداد، وقت أن كان وزيرًا للملك المنصور أبو بكر بن محمد بن قلاوون في سنة 842ه / 1341م، ولهذا عرف من ذلك الوقت باسم باب الوزير وإليه ينسب شارع باب الوزير وقرافة باب الوزير، وهذا الباب لا يزال قائمًا إلى اليوم وقد جدده الأمير طراماي الأشرفي صاحب القبة المجاورة للباب في سنة (909هـ/ 1503م).

ورغم هذه الأهمية التاريخية لهذا الباب إلا أنه تحول لساحة لجمع القمامة فبمجرد أن تحاول البحث عنه ستجد وصفه عند سكان المنطقة "شايف البتاعة اللي شبه القبة اللي تحتها الزبالة دي هو ده باب الوزير"، فاختصر سكان المنطقة الأهمية التاريخية له في مجرد أنه بناء حجري أشبه بالقبة المفرغة وقرروا أن يستغلوا هذه القبة لوضع القمامة أسفلها دون مراعاة لأي شيء.

يذكر أن المنطقة التي يتواجد بها باب الوزير محاطة من جميع الاتجاهات بالمدافن، وهذا جعلها من أكثر المناطق هدوءًا هناك إلى الحد الذي يشعرك أنك تتواجد بمكان مهجور لا يسكنه سوى القطط والكلاب، ولكن ذلك لا يمنع شعور الأمان والراحة النفسية والهدوء الذي يشعر به من يزور المنطقة فيجعله لا يترك المكان إلا على مضض.

"الجامع الأزرق لغز يحتاج لحل"
ولا يمكن أن تمر بشارع باب الوزير ولا يعير انتباهك أحد المساجد المتواجدة بالشارع، فهو يبدو مسجدا أثريا مساحته لا تبدو كبيرة ولكن قامته ومعماره التاريخي يجذبك، تشعر بالفضول فتسأل أحد المارة عنه، فيجيب "ده الجامع الأزرق يا أستاذة، بس هما قافلينه عشان بيترمم بقاله فترة"، فتنظر إليه بتعجب فهو لا يوجد به أي ملامح للترميم، تقترب أكثر من بوابة المسجد في محاولة لاستكشافه؛ فتجد شخصا يبدو عليه رجل أمن يسألك عن سبب تواجدك هناك وكأنك اقتربت من منطقة عسكرية أو منطقة ألغام، وبعد نقاش طويل يسمح لك بالدخول.

وبمجرد أن تضع قدمك داخل المسجد تشعر بأنك ركبت آلة الزمن لتعود بك إلى عام (1346م، 748هـ) وهو عام بناء المسجد على يد الأمير آق سنقر الناصري أحد الأمراء المماليك والذي أطلق عليه اسم جامع إبراهيم أغا مستحفظان، وبمجرد أن تتجول بالمسجد قليلًا تجد إجابة لسبب تسمية المسجد بالأزرق واشتهاره بهذا الاسم؛ فهو يتميز بجدرانه المغطاة بالرخام الأزرق وأحجار القرميد ذات رسوم الأزهار في الجدران الداخلية وعلى الطراز العثماني والتي تتميز بذات اللون الأزرق مما جعل المسجد يحمل ذلك الاسم، ولقد تمت إضافة تلك الأحجار عند ترميمه عام 1652. ويضم الجامع ضريحين ومنبرا ذا زخارف معقدة مزينا بأحجار ملونة ورسوما لكرمة عنب.

ولكن يبقى السؤال: "ما السبب في غلق المسجد أمام المصريين والإصرار على أنه يحتاج لعمليات إصلاح وترميم ومنع أي شخص من زيارته وكأنك تطلب زيارة منطقة عسكرية؟".

"سبيل عمر أغا لوحة إعلانات"
وخلال تجول "فيتو" في شوارع منطقة الدرب الأحمر، انتبهت لبعض الشقوق والانهيارات الموجودة بالتحف والتي وصلت لحد أن بعض هذه التحف لم يتبق منها سوى جانب واحد من المنزل، وبدأت تتساءل عن مالك هذه المنازل هل هي تابعة لوزارة الآثار أم إنها مملوكة للمواطنين؟ وظهر أحد الشباب من شرفة منزل بالمنطقة، وكانت الصدمة عندما وجدنا لافتة مكتوبا عليها "المجلس الأعلى للآثار، قطاع الآثار الإسلامية والقديمة، أثر رقم240، سبيل ومدفن عمر أغا" وهذا يعني أن هذا البناء يتبع وزارة الآثار -بشكل مباشر- بمعنى أنه غير مخصص للسكن بأي حال من الأحوال وبخاصة أنه يبدو متهالكًا ويحتاج لعمليات ترميم موسعة وهذا يظهر من الشقوق المتواجدة بكل أركانه.

ويحيط هذا السبيل أكياس القمامة من جميع الاتجاهات والرائحة التي تفوح منه تجعلك لا تستطيع الاقتراب منه وإلا ستصيبك حالة من الإغماء نتيجة لبشاعة الرائحة، وبالتدقيق في جدرانه ستجد بعض الإعلانات المنشورة عليه أمثال "كوافير الدرب الأحمر"، وانتخبوا مرشحكم لمجلس الشعب رمز السيف".

وبالبحث عن تاريخ هذا السبيل، تبين أنه سبيل إنشئ عام 1652م ويعتبر تحفة معمارية أهانتها عوامل الزمن والسرقات والإهمال، وأن هذا السبيل بني على الطراز العثماني ويعتبر من أحدث الطرازات الهندسية ذاك الوقت.

"انزعوا ملكيتي عن أرضي"
قال محمد عواد، أحد سكان منطقة الدرب الأحمر إنه اشترى قطعة أرض بجوار باب الوزير، مضيفا: "عندما ذهبت للحي قاموا بتعطيل تسجيلها وأكدوا لي أنها تابعة لخطة تطوير كريم أغاخان ويجب أن يحصل على موافقة منه للحصول على هذه الأرض وبالفعل حصلت على موافقة منه ولكن الحي أرسلني لهيئة الآثار وقررت الهيئة أنه يجب البحث عن آثار أسفل هذه الأرض، وبالفعل تواجدت حفريات أسفل الأرض".

وأكد أن هذه الإشكالية قائمة منذ ثلاث سنوات، وطالب بضرورة الإسراع في الإجراءات والقضاء إما بتبعية هذه الأرض لوزارة الآثار ودفع تعويض له أو بإعطائه حرية التصرف في هذه الأرض بالبناء أو غيره. 

وأشار إلى أن الحفريات المتواجدة أسفل هذه الأرض هي بداية الجزء المتبقي للسور التابع لفم الخليج، موجها رسالة لوزير الآثار بأن لديه استعدادا لنزع الملكية عن هذه الأرض وانضمامها للدولة، مؤكدًا ضرورة الاحتفاظ بمعالم المنطقة، قائلًا: "أي عقار قبل ما يتهد لازم يتصور ويتم بناؤه على نفس الشكل علشان نحتفظ بالطراز القديم بتاعنا". 
الجريدة الرسمية