رئيس التحرير
عصام كامل

84 حالة إفلاس للشركات خلال شهر واحد.. فهمي: الجهاز المصرفي السلاح الوحيد لمواجهة الظاهرة.. رزق:ارتفاع الحالات يضرب مشاركة القطاع الخاص في مقتل..الجندي: يؤدي إلى تراجع التصنيف الدولي لمصر

الدكتور صلاح الدين
الدكتور صلاح الدين فهمي، أستاذ الاقتصاد بجامعة الأزهر

تباينت آراء خبراء الاقتصاد حول الأسباب التي أدت إلى ارتفاع حالات الإفلاس بين الأفراد والشركات وفقا لما أصدره مركز المعلومات ودعم اتخاذ القرار التابع لمجلس الوزراء في تقريره الشهري، والذي أكد فيه أن القضايا الجديدة بالمحاكم الابتدائية سجلت 84 حالة إفلاس في شهر مايو الماضي، مقارنة بـ 82 حالة في نفس الشهر من عام 2013.

تراكم الديون 
قال الدكتور صلاح الدين فهمي، أستاذ الاقتصاد بجامعة الأزهر، إن السبب الرئيسى وراء ارتفاع حالات الإفلاس الخاصة بالشركات هي مشاكلها مع البنوك، والناتجة من تراكم الديون وعدم قدرتها على سدادها، لافتا إلى أن فوائد الجهاز المصرفي تراكمية وهو ما يزيد من حدة الأعباء المالية خاصة في ظل الأزمة الاقتصادية الراهنة.

إعادة الهيكلة المالية 
وأكد أن مشكلة الإفلاس لا ترتبط بقوانين الاستثمار أو الضرائب، مطالبا الجهاز المصرفي والبنك المركزي بضرورة إعادة الهيكلة المالية لهذه الشركات وتقديم التسهيلات المصرفية والخدمات المالية وإعادة جدولة مديونياتها، وإعطاء فترة سماح للسداد.

وأضاف فهمي أن هذا الاتجاه من قبل الجهاز المصرفي يعطي للمستثمر الخارجي انطباعا جيدا يشجعه على ضخ أمواله بالسوق المصرية، ومن ثم مساندة الدولة في تنفيذ مشروعاتها الاستثمارية المستهدفة، مستنكرا أن يؤثر ارتفاع عدد الشركات التي أعلنت إفلاسها على نجاح مؤتمر المانحين القادم.

مسئولية الدولة 

وأكد الخبير الاقتصادي الدكتور علاء رزق، أمين عام منتدى التنمية والسلام، أن الدولة تسأل عن ارتفاع حالات الإفلاس، وذلك لتقصيرها في توفير السبل والحلول التي تحمي هذه الشركات من الدخول في دائرة الإفلاس، وهو ما يؤثر سلبا على الاقتصاد القومي بشكل عام، خاصة أن مشكلة اغلب هذه الشركات في عدم قدرتها على تسويق ما لديها من منتجات، لافتا إلى أن هذا الارتفاع في حالات الإفلاس يؤثر على حجم تدفقات الاستثمارات الخارجية، التي تترقب باستمرار تحقق الاستقرار للاستثمارات المحلية.

إعاقة الاستثمار 
أشار إلى أن ارتفاع حالات الافلاس سيؤدي أيضا لإعاقة المشروعات الاستثمارية التي تستهدفها الحكومة الحالية للعام المالي الحالي، خاصة أن ما يقرب من 66% من تلك الاستثمارات ملقى على عاتق القطاع الخاص، مطالبا الدولة بسرعة التدخل لبحث مشكلات هذه الشركات وإعادتها للسوق من جديد ومن ثم تشجيع تاسيس الشركات الجديدة، الأمر الذي يساهم في مضاعفة دخل الدولة من خلال تحصيلها للضرائب والتأمينات المستحقة على الشركات، بالإضافة لتوفير فرص عمل للشباب وزيادة تنافسية الأعمال والحد من الممارسات الاحتكارية.

تراجع التصنيف الدولى 
واستطرد: إن استمرار هذا الوضع دون تدخل حاسم من قبل الدولة يساهم في تراجع التصنيف الدولي لمصر، كما سيؤثر سلبا على النواحي السياسية والاجتماعية بالبلاد.

أذون الخزانة 
وأضاف أمين عام منتدى التنمية والسلام، أن ارتفاع معدلات الإفلاس للأفراد والشركات أمر طبيعي لمزاحمة الحكومة للقطاع الخاص في الحصول على القروض من البنوك، وهي منافسة غير عادلة، إذ إن نحو 40% من الودائع بالبنوك المحلية يتم استثمارها في أذون الخزانة، خاصة أن الحكومة تدفع ما يقرب من 17% فوائد على الرغم من أن الديون عديمة المخاطر، وهو الأمر الذى يحول دون قدرة هذه البنوك على إقراض رجال الأعمال والمستثمرين الوطنيين.
سوء الإدارة 
وفي سياق متصل قال الدكتور صلاح الجندي، أستاذ الاقتصاد بجامعة المنصورة، إن أغلب الشركات التي تعرضت للإفلاس خلال الفترة الماضية كانت واجهت صعوبة في سداد ما عليها من مستحقات وديون جراء عدم جدية دراسات الجدوى للمشروعات وسوء الإدارة وعدم قدرتها على تسويق منتجاتها بالشكل الأمثل، وبالتالي تحقيق الخسائر المتتالية، ومن ثم التوقف وإشهار الإفلاس.

وأكد أن حالات الإفلاس ليست نتيجة تقصير من الدولة أو سوء مناخ الاستثمار كما يروج البعض. وأشار إلى أن الظروف الاقتصادية الأخيرة عقب ثورة 25 يناير وغياب الاستقرار الأمني والسياسي وحالة الركود التي أصابت معظم القطاعات، وتوقف عجلة الإنتاج، بالإضافة لارتفاع أسعار مستلزمات الإنتاج كلها أمور ساهمت في تدهور أحوال تلك الشركات والإسراع في دفعها للإفلاس.

وطالب الجندى الدولة بمتابعة هذه المشروعات المتعثرة ودراسة أسباب التعثر في محاولة لإيجاد الحلول التي تحول دون إشهار الشركات إفلاسها، وبما يعود بالنفع على الاقتصاد المصري،على أن تقوم البنوك بدورها تجاه هذه المشروعات من خلال إمداد القائمين عليها بالمساعدات الفنية والإدارية والتدريبية.

وحذر أستاذ الاقتصاد بجامعة المنصورة، أصحاب رءوس الأموال من إقامة المشروعات دون أن يكون هناك الخبرة اللازمة، لافتا إلى أن حالات الإفلاس لن تؤثر على خطة الدولة في جذب الاستثمارات خلال الفترة القادمة، خاصة أن الدولة تسعى لتقديم كل التسهيلات والحوافز للمستثمرين الجدد لتشجيعهم على ضخ المزيد من الاستثمارات وأشار إلى أن هذا يؤثر على تصنيف مصر الائتمانى بالخارج.

أمر طبيعى 
قال الدكتور سعيد عبد الخالق وكيل أول وزارة الاقتصاد الأسبق، إن ارتفاع عدد حالات الإفلاس للأفراد والشركات غير مقلق وأمر طبيعي يحدث في اقتصاديات العالم أجمع، إذ إن مصر سوقا حرة تتيح الدخول والخروج منها دون أي قيود، مؤكدا أن إفلاس 84 حالة في شهر مايو الماضي، ليس رقما كبيرا مقارنة بعدد المشروعات الناجحة التي تدخل إلى السوق والتي تتميز بحجم نشاط ورأس مال كبير.

وأوضح أنه أحيانا يكون الإفلاس ناتجا من سوء إدارة المشروع وعدم الترويج له كما ينبغي، أو ارتفاع المديونيات على الشركات، مشيرا إلى أن بعض الشركات تتعمد إعلان إفلاسها للتهرب من الضرائب والتأمينات.

واستبعد عبد الخالق أن تؤثر حالات الإفلاس على المشروعات الاستثمارية الجديدة التي تستهدفها الحكومة من خلال الخطة الاقتصادية والاجتماعية للعام الحالي والتي تستهدف استثمارات بـ 367 مليار جنيه، ينفذ القطاع الخاص منها 217 مليار جنيه، للوصول بمعدلات النمو إلى 3.2%.

منع الطعن 
وأضاف وكيل أول وزارة الاقتصاد الأسبق، أن الدولة تسعى جاهدة لمواجهة المعوقات التي تواجه جذب الاستثمارات لتشجيع القطاع الخاص وعلى رأسها البيروقراطية، مؤكدا أن قانون منع الطعن على العقود التي تبرمها الدولة مع المستثمر من أبرز الخطوات الإيجابية التي اتخذتها الدولة مؤخرا لطمأنة المستثمرين.
الجريدة الرسمية