رئيس التحرير
عصام كامل

دعم الأثرياء فريضة في دولة السيسي


قفزات في الأسعار تشبه حريقا اشتعل في حياة الأسر المصرية متوسطة ومحدودة الدخل فأحال حياتها إلى جحيم، الأسر تلهث في الكد والبحث عن مصادر لزيادة دخلها ولكن حريق الأسعار هو الأسرع فيلتهم كل الدخل ويتخطى حدود وقدرات أي جنيهات يمكن للفقراء تدبيرها، والسبب هو غباء الحكومة التي تشبه الدبة التي قتلت صاحبها زاعمة أنها تريد به خيرًا.

ففى زيادة أسعار الطاقة التي أقرتها الحكومة، قررت دون خجل أن يحتفظ رجال الأعمال ورموز الصناعة الوهمية المصرية بأكثر من 50% من ثمن الغاز الطبيعى دعما لهم، والحكاية ببساطة أن الحكومة والتي تسعى لاستيراد الغاز الطبيعى بسعر يصل إلى 15 دولارا للمليون وحدة حرارية من خلال شحنات فورية من الغاز المسال والذي يعاد تغييزه" أي إعادته إلى صورته الأولى" في ميناء السخنة ومن خلال وحدة عائمة علاوة على تكاليف النقل وخلافه، قررت الحكومة أن يكون هذا الغاز موجها للكهرباء التي يستخدمها كل الشعب وأن تتحمل هي الدعم بينما أبقت على الغاز المحلى بسعر تكلفته المحدودة بجانب المستورد وأن يوجه كما هو للمصانع بسعر يتراوح ما بين 5 و7 دولارات للمليون وحدة وهو نصف السعر الذي تستورد به الغاز للكهرباء.

وإذا أردنا أن نناقش هذا الأمر فنكتشف أن الغاز الموجه للمصانع مدعوم بما يوازى 100% من ثمنه لو تم الاستيراد من الخارج لحساب رجال الأعمال المصريين والأجانب أيضا في مصر، فالغاز الذي يتم استهلاكه في الصناعة المصرية خاصة كثيفة الاستهلاك يعود على المستثمر وليس المواطن، لأن أسعار السلع التي تنتجها تلك المصانع تباع في السوق المحلى بأعلى من أسعار مثيلتها المستوردة. علما بأن السلع المستوردة ومنها الحديد والأسمنت وغيرها تحتوى على المواد الوسيطة من غاز طبيعى وعماله وخامات بالأسعار العالمية.

ومن هنا نكتشف أن تحريك أسعار الطاقة كان على حساب الفقراء ولصالح أثرياء هذا الوطن ويصبح العبء الوحيد على لصوص الوطن ورجال الأعمال الذين نهبوا الثروات على مدى عقود من الزمن أنهم يحصلون على البنزين لسيارتهم الحديثة والفارهة بنفس السعر الذي يحصل عليه الفقراء لسياراتهم من موديلات السبعينيات.

والآن نكتشف أن الثورة التي صنعها الفقراء قررت حكومة معظم عناصرها من رجال عهد مبارك أن تعيد إنتاج الماضي، وليزداد السواد الأعظم من الشعب فقرا وليدفعوا الفاتورة كمدا وغيظا وفقرا وجهلا ومرضا، بينما الدعم للأثرياء ليزدادوا ثراء حتى ولو كان من آخر قطرة دماء في شرايين الفقراء.
الجريدة الرسمية