رئيس التحرير
عصام كامل

قبل أن تحدث جائحة صحية بشمال قنا!


اللهم اجعله خيرا.. يقول المثل «مصائب قوم عند قوم فوائد»، لكن في حالتنا «فوائد قوم عند قوم مصائب»، ففي يونيو 2002م وبتكلفة 1.4 مليار جنيه، أطلق مشروع «قناطر نجع حمادي الجديدة»، والهدف منه تطوير نظام الري للأراضي الزراعية، وتوليد قرابة الـ460 جيجاوات ساعة سنويا، وهو لا شك خير وفير نطالب بالتوسع فيه على طول النيل لتنظيم الري وتوفير الكهرباء اللازمة.

لكن مع الدراسة تبين أن هذا المشروع له آثار سلبية، تتمثل في رفع مستوى المياه الجوفية في الأماكن المحيطة خاصة "فرشوط ونجع حمادي وأبو تشت"، وهذه المياه الجوفية قد تؤدي لانهيار بعض المنازل – وهو ما حدث من فترة يسيرة – والحل العاجل تدعيم الأماكن المحيطة بمشروع صرف صحي، بتكلفة تصل لقرابة الـ500 مليون جنيه في المراكز الثلاثة. 

ورغم أن التوصيات كانت تشير إلى عدم تشغيل القناطر الجديدة قبل انتهاء مشاريع الصرف الصحي إلا أن القناطر تم افتتاحها في 2008م، وإلى الآن مشاريع الصرف الصحي ما زالت تعاني مشكلات ولم يتم تشغيلها بعد، مما زاد نسبة المياه الجوفية، وفي ظل غياب وعي الأهالي، وغياب الرقابة، وقبل أن تكتمل محطات الرفع، قام العديد من الأهالي بإطلاق صرفهم الصحي على مواسير دون محطات رفع ولكم أن تتخيلوا الأمر – صرف صحي يملأ مواسير تسير في قلب الأرض بجوار مياه الشرب دون أن تكون هناك محطات لشفط ورفع وصرف هذه السوائل.

الأمر الطبيعي أن تمتلئ الأرض بمياه صرف صحي تسير جنبا إلى جنب بجوار مياه الشرب، وفي نقاط الضعف في أماكن غير متقنة من توصيلات وأكواع، يحدث التسرب، لتدخل مياه الصرف إلى مياه الشرب، وفرصة للميكروبات والفيروسات ومختلف أنواع الأضرار التي يمكن أن تأكل وتهلك وتخرب صحة المواطن الغلبان.

مطلوب الآن وقبل الغد من السادة القائمين على الأمور خصوصا في فرشوط، ونجع حمادي، مراجعة المنازل التي تصرف على مواسير المياه، ومراجعة أسباب تأخر تشغيل محطات الصرف حتى الآن، وإيقاف ذلك فورا ومحاسبتهم، من ناحية ثانية مراجعة أماكن تسريب الصرف الصحي في الأرض، وتغيير المواسير التي تحتاج لذلك، وأخيرا، إعادة التدقيق والتربيط والتظبيط للأماكن التي بها فرص لتسرب مياه الصرف لمواسير الشرب، الآن وليس غدا، الآن وقبل أن تنتشر جائحة صحية لن تبقى ولا تذر، وساعتها سيكون الأمر على المسئولين أكثر صعوبة من الآن، آمل أن يتم التدخل سريعا.
الجريدة الرسمية