رئيس التحرير
عصام كامل

اللهم سِدّ عَجْز موازَنَتِى في رمضان


هَلَّ الشهر الفضيل بأريجه الروحانى وزاده الإيمانى، ومد خطوط التواصل والتراحم وكل عام وأنتم بخير.
في رمضان طعم مختلف لكل مفردات الحياة وتفاصيلها.. أولها العبادات وفضاء الروحانيات.. ثم المحسوسات من ضوء وظل وهواء وماء (ماعدا الكهرباء!).. حتى الكلام له مذاق مختلف، أجمل ما فيه الحرص على تجنُّب القبح بكل صوره وأشكاله.. تلتقى أحدهم، تبادره بعبارة رمضان كريم يرد الله أكرم.

حتى الفكاهة والقفشة، لها طعمها الخاص في رمضان.. تلتقى صاحبك خفيف الظل لأول مرة، تصافحه ثم تبادره بنفس العبارة رمضان كريم فيرد قائلًا وأنا محمد مصطفى! ذلك أن الزبون وضع الموقف في صورة تعارف، فتصور أن اسم سيادتك رمضان كريم، فقدم نفسه بدوره على أن اسمه محمد مصطفى، فتظلل الابتسامة الموقف.

بمناسبة قفشات رمضان.. استقبل بريدى الإلكترونى بشائر الإفيهات والقفشات الرمضانية.. قارئ أرسل يقول صايم كان جعان جدًا، قابلته مذيعة في نهار رمضان وأجرت معه حوارًا سريعًا، ثم سألته السؤال التقليدى: تحب تسمع ايه؟ قال لها ياريت اسمع أذان المغرب.

لكن لى ملحوظة على الفكاهة الرمضانية في التراث العربى الإسلامى.. اجتهدت في البحث فلم أعثر إلا على القليل جدًا.. معظمه يفتقر إلى خفة الظل، لدرجة أن أطرف ما وجدته حصريًا هذه الطرفة.. "ضاع لأحدهم حمار، فنذر أن يصوم ثلاثة أيام إن وجد الحمار، وبعد فترة من الزمن وجده، فأوفى بنذره وصام ثلاثة أيام، وما أن أكمل الصيام حتى مات الحمار، فقال لأخصمنَّها من شهر رمضان".

ويبقى الإفيه المصرى والقفشة المصرية الماستر على قمة الهرم ومنصة التتويج.. خذ عندك ذلك الرجل "المفطر" الذي دخل مطعمًا في نهار رمضان، وأحضروا له طعام الغداء وبينما هو منهمك في الأكل، اقترب منه الجرسون وفى يده زجاجة بيرة، وهَمَّ بوضعها على طاولته.. وإذا بالرجل "المفطر" يهب في ثورة عارمة وهو يكيل السباب للجرسون قائلًا: إنت ماعندكش دم ياحيوان، جايب لى إزازة بيرة في رمضان ياكافر!

أغتنم الفرصة وأختم بدعائى المعتاد في رمضان.. اللهم اجعلنى عند النعماء من الشاكرين، وعند البلاء من الصابرين، وعند الجزاء من الفائزين.. ربنا لا تدخلنى على رمضان مفلسًا، واجعل اللحم مؤنسًا، وارزقنى خشافًا كويِّسًا، وباعد بينى وبين الفول كما باعدت بين المشرق والمغرب يارب العالمين.. اللهم لا تحرمنى الكنافة والقطايف وأم على، وانزل عليَّ غيثًا من الزبيب وجوز الهند وكل الممنوعات من المقتنيات المعروضة على أرفف المتاحف مثل القراصيا والمشمشية والتين والفستق واللوز والكاجو وما شابه.. ربنا آتنى بلحًا طريا، وعرقسوسا نَدِيِّا، وتمرًا هنديًا، وخروبا أصليًا، وزيِّن إفطارى بالطرشى والمحشى والمحمَّر والمشمَّر، هُبَرا أو فيليه أو سكالوب بانيه.. وكعادتى أقول قولى هذا وأستغفر الله لى أنا لوحدى لأن ماحدش يستاهل.. وكل عام وحضراتكم بخير.
الجريدة الرسمية