رئيس التحرير
عصام كامل

«افرم» جامد يا «سيسي»!


كملايين المصريين استقبلت قرارات حكومة المهندس إبراهيم محلب برفع الدعم عن الوقود بمزيد من الاستياء، ليس لاعتراضي على القرارات وتوقيتها، ولكن للطريقة التي تعامل بها البعض لتبرير هذه القرارات، وكأنها الحل الوحيد للتعامل مع الأزمات التي تمر بها البلاد.

فليس مقبولًا أن يخرج علينا المؤيدون لـ«السيسي»، ويبررون هذه القرارات بأنها لصالح الفقراء ومعدومي الدخل، واعتبروا المعارضين لهذه القرارات ما هم إلا «قلة مندسة» لا تريد تقدمًا للوطن، وتحاول عرقلة وإفشال الرئيس السيسي الذي جلس على كرسي الرئاسة بفضل أصوات الفقراء والمعدمين، وساكني المقابر والعشوائيات..!

بل إن بعض المتعصبين لـ«السيسي» دشنوا «هاشتاج» بعنوان «افرم يا سيسي»، باركوا فيه قراراته، مطالبين إياه بمزيد من القرارات، التي تنقل البلاد إلى الأمام.. ولا أعرف أي «أمام» يأتي على حساب ملايين يبحثون عن «لقمة» في صناديق القمامة يسدون بها جوعهم..!

«محلب» قال إن رفع الدعم عن الأغنياء يأتي في مصلحة الفقير أولًا، وهو نفس الكلام الرئيس عبد الفتاح السيسي، الذي برر تلك القرارات لسد العجز في الموازنة، حتى لا ترث الأجيال القادمة تركة مثقلة بالديون..!

طيب يا ريس.. المشكلة في عجز الموازنة؟! بسيطة خالص.. تعال نفكر في حلول أخرى بعيدا عن المواطن «المطحون».. عندك مثلا: «رفع الدعم عن المصانع كثيفة الطاقة»، المملوكة للقطاع الخاص، بدلًا من «بهدلة» أصحابها لـ«المصريين»، ورفعهم أسعار منتجاتهم على الشعب دون حسيب أو رقيب.

افتح يا ريس ملف «مصانع الأسمنت».. فأصحاب هذه المصانع- بعد أن حصلوا عليها برخص التراب وقت «الخصخصة» في ظل نظام فاسد- يحصلون على أرباح أكثر من تجار المخدرات.. وطبعًا سيادتك تعلم أن تكلفة إنتاج طن الأسمنت لا تتجاوز بأي حال من الأحوال 250 جنيهًا- كما يؤكد الخبراء- ومع ذلك يُباع الطن بأكثر من 800 جنيه.. ونفس الحال ينطبق على أصحاب مصانع الحديد.. فهل تتخيل سيادتك كم «المليارات» التي تضيع على الدولة التي تدعم وقود هذه المصانع؟ وكم «المليارات» التي يجنيها أصحاب هذه المصانع على حساب «جيوب المصريين»؟!

افتح يا ريس ملف «المرتبات الفلكية» لكبار المسئولين والعاملين في «المالية والبترول والكهرباء» وسائر الوزارات والمؤسسات.. كم مسئول يتجاوز راتبه مليون جنيه شهريًا؟ وكم مسئول يتجاوز راتبه نصف مليون جنيه شهريًا؟ كم مسئول يتجاوز راتبه 100 ألف جنيه شهريًا؟.. وطبق عليهم «الحد الأقصى للأجور».. والكارثة يا ريس أن العاملين في وزارة البترول يصرفون أكثر من 20 شهرًا أرباحًا سنوية، وكذلك الحال في «الكهرباء» رغم مديونية هاتين الوزارتين بأكثر من 200 مليار جنيه، بحسب تقارير الجهاز المركزي للمحاسبات..!

افتح يا ريس ملف «عمر أفندي»، وكيف تم بيعه بـ«ثمن بخس»، رغم أن أصوله ومبانيه وفروعه تساوي عشرات المليارات التي يمكن أن تدخل خزينة الدولة، دون المساس بـ«مهدودي الدخل»!

افتح يا ريس ملفات «التهرب الضريبي» لكبار وصغار «النصابين»، عفوًا «المستثمرين»، فهل تعلم سيادتك أن 70% من حصيلة الضرائب التي تحصلها الدولة يدفعها الموظفون والفقراء، بينما لا تتجاوز نسبة ضرائب الشركات 30% من جملة الضرائب، بحسب تقارير رقابية وحكومية؟!

افتح يا ريس ملف أجور الفنانين في الأفلام والمسلسلات التي تحض على الرذيلة وتنشر الفساد، وتشجع على الانحراف في المجتمع.. وكيف يحصل فنان على 35 مليون جنيه كأجر عن دوره في مسلسل 30 حلقة.. يعني الـ40 دقيقة بأكثر من مليون..!

افتح يا ريس ملف أجور «أشباه اللاعبين» في «اللامؤاخذة» الدوري والكأس المصري.. يحصلون على «ملايين» يا ريس مقابل أن «يحرقوا دمنا»..!

نعم يا ريس.. «افرم»، ولكن افرم الفساد والفاسدين في كل المؤسسات.. أعد للفقراء حقوقهم التي سلبها منهم «كبار المستغلين» والمتاجرين بآلامه.. افرم «الحيتان» جامد يا ريس.. بس حاسب على «السمك الصغير»!
الجريدة الرسمية