رئيس التحرير
عصام كامل

القطط السمان والتبرع للدولة!


يحمل تبرع السيد الرئيس «عبد الفتاح السيسي» بنصف ثروته وراتبه العديد من الرسائل المحلية والعالمية، فهو يؤكد احتياج الدولة لكل قرش، ويؤكد ضرورة أن يعتمد المصريون في ذلك على أنفسهم، ولا ينتظرون شيئا خارجيا مهما كان، فالمشاركة في بناء البلد ضرورة وطنية، وعلى غول (المطالب الفئوية) أن يتوقف فورا، صحيح نُقِّر بأن الكثيرين من أصحاب هذه المطالب في احتياج شديد، لكن ربما ليس الحل الأمثل زيادة الرواتب، ليس الحل أن تصبح كل قطاعات الدولة ذات كوادر خاصة، وإنما بالتأكيد الحل الأمثل هو إصلاح اقتصادي، وإجراءات لضبط السوق.

أما على المستوى العالمي، فإن الرسالة الأساسية أن مصر رغم ظرفها الراهن ليست مستعدة لأن تقع تحت الابتزاز والتدخل في قراراتها، لن تطأطئ رأسها لصندوق النقد الدولي، أو لأي دولة مانحة، فهي بإرادة شعبها إن شاء الله قادرة على تخطي مشكلاتها، وسيخسر التنظيم الدولي والإرهاب رهانهما على السوء الاقتصادي.

أكثر ما أعجبني في هذه المبادرة أنها تعيد من جديد إحياء روح التضحية والتفاني من أجل الوطن، وأنها تعكس وعيا من السيد الرئيس «عبد الفتاح السيسي» بأن أهم مقومات نجاح أي دولة تلاحم الشعب مع مؤسساتها، إنني لأتوقع أن الكثيرين في ظل هذه الدعوة سيستغنون عن أشياء أساسية من حياتهم اليومية – رغم عوزهم، منهم من سيتبرع بثمن وجبة من طعامه، أو ثمن ملبس من ثيابه، وسيقدم ذلك فداء للوطن، وإن هذه الجنيهات القلائل لهي أكثر تضحية للوطن من ملايين القادرين.

لكن الشعب المصري أيضا في المقابل يتوقع من الدولة أن ترد له الجميل، إذا كان البسطاء على أتم استعداد لأن يتبرعوا رغم عوزهم، فإنهم يأملون أن تستل الدولة سيف القانون والعدالة على القطط السمان، تلك القطط التي كانت السبب الرئيسي في عوز الكثيرين، هل ترد الدولة الجميل للمواطنين وتفتح الباب بمحاكم عاجلة لجرائم الاستيلاء على المال العام، واغتصاب أراضي الدولة، وإهدار الثروة العقارية، وبيع أصول وممتلكات الشركات العامة بأسعار بخسة، وقروض بغير ضمانات لا نعرف ماذا تم فيها حتى الآن، وجرائم تهرب ضريبي وتهرب جمركي، وممارسات احتكارية، وسلع لا تطابق المواصفات، وغيره من الممارسات؟

هل يمكن تشكيل محاكم اقتصادية عاجلة لهذه الجرائم، وإيداع ما تحكم به هذه المحاكم في صندوق التبرعات؟ لا تقولوا لي ليس هذا وقته الآن لأنه يؤثر سلبا على المستثمرين الذين نرغب في استقطابهم لمصر، لأننا لا نريد مرة أخرى مثل هذه النوعية من المستثمرين. 
الجريدة الرسمية