رئيس التحرير
عصام كامل

"جيفارا" من عالمه الآخر لـ"الثوار": مالى أسمع ضجيجًا ولا أرى طحنا

فيتو

عاش حياته كلها يكافح من أجل الفقراء، وكان مؤمنا بأن العلاج الوحيد للقضاء على الاحتكارية الرأسمالية ورفع الظلم الواقع على المزارع اللاتينى البسيط هو الثورة العالمية.. هكذا كان يؤمن المناضل الثوري أرنستو تشي جيفارا. 

«فيتو» استحضرت « جيفارا » من عالمه الآخر في ذكرى ميلاده الـ 86، في محاولة للتعرف على أسباب اختياره للثورة المسلحة، وما هو حجر الزاوية في كل ثورة، وكيف كان يواجه معارضية ؟.. ومن هو الخائن من وجهة نظره ؟

*في البداية نرحب بابن الطبقة والمحرر جيفارا.
-أنا لست محررًا فالمحررون لا وجود لهم، فالشعوب وحدها هي من تحرر نفسها.

*إذن من أنت؟
-أنا ابن الطبقة، أنا شاهد المذبحة وشهيد الخريطة أنا وليد الكلمات البسيطة، أؤمن بأن النضال هو الحل الوحيد لأولئك الناس الذين يقاتلون لتحرير أنفسهم.

*وما هو وطنك؟
-أنا لا أعرف حدودًا؛ فالعالم بأسره وطني، إنني أحس على وجهي بألم كل صفعة توجه إلى كل مظلوم في هذه الدنيا فإينما وجد الظلم فذاك وطني، وقد يكون من السهل نقل الإنسان من وطنه ولكن من الصعب نقل وطنه منه.

*لماذا اخترت الثورة المسلحة؟
-إنني أؤمن بأن النضال المسلح هو الطريق الوحيد أمام الشعوب الساعية إلى التحرر، ويعتبرني الكثيرون مغامرًا، وأنا فعلًا مغامر، لكن من طراز مختلف عن المغامرين الساعين وراء نزوات فردية عابرة، إذ إنني أضحي بكل شيء من أجل الثورة والنضال المستمر، وشعاري نقاتل حتى النصر دومًا.

*وبما تعرف الثورة؟
-الثورة قوية كالفولاذ، حمراء الجمر، باقية كالسندبان، عميقة كحبنا الوحشي للوطن.

*وما هو حجر الزاوية في كل ثورة؟
-إن الإصلاح الزراعي هو حجر الزاوية في أية ثورة، فليست هناك حكومة يمكن أن تصف نفسها بأنها حكومة ثورية، إذا لم تنفذ برنامجًا جذريًا للإصلاح الزراعي.

*ومن الثوري الحقيقي؟
-رغم خوفي من أن أبدو مثارًا للسخرية، دعني أقول أن الثوري الحقيقي يهتدي بمشاعر حب عظيمة، وحبي الحقيقي الذي يرويني ليس حب الوطن والزوجة والعائلة والأصدقاء، إنه أكبر من هذا بكثير، إنه الشعلة التي تحترق داخل الملايين من بائسي العالَم المحرومين، شعلة البحث عن الحرية والحق والعدالة.

*وبما تصف الخائن؟
-الذي باع بلاده وخان وطنه مثل الذي يسرق من بيت أبيه ليطعم اللصوص فلا أبوه سامحه ولا اللص يكافئه.

*لماذا الاستمرار رغم ما تعرضت له من متاعب والاغتيال في النهاية؟
-إن الطريق مظلم وحالك فإذا لم تحترق أنت وأنا فمن سينير الطريق، ولا يستطيع المرء أن يكون متأكدًا من أن هناك شيئا يعيش من أجله، إلا إذا كان مستعدًا للموت في سبيله.

أنت مؤمن بالاشتراكية فكيف نحققها؟
علينا أن نصل إلى الضمير الاشتراكي قبل الخطط الاشتراكية، وأن نبني الإنسان الجديد ونغير عقلية الجماهير، إذا أردنا فعلًا أن نحقق المجتمع الاشتراكي المنشود، فماذا يفيد المجتمع إذا ربح الأموال وخسر الإنسان.

لماذا لم تتمسك بمنصبك كوزير للصناعة في كوبا؟
إن الثورة تتجمد، والثوار ينتابهم الصقيع حين يجلسون على الكراسي ويبدأون بناء ما ناضلت من أجله الثورة، وهذا هو التناقض المأساوي في الثورة: أن تناضل وتكافح وتحارب من أجل هدف معيّن، وحين تبلغه، وتحققه، تتوقف الثورة وتتجمّد في القوالب، وأنا لا أستطيع أن أعيش ودماء الثورة مجمّدة داخلي.

كيف تواجه معارضيك؟
بالنسبة للمختلفين معي في الآراء فعليّ مواجهة الأفكار المضادة بالنقاش أو بالسماح لها بالتعبير عن نفسها، لا يمكن تدمير الآراء بالقوة؛ لأن هذا يحتجز أي تطوير حر للثقافة والفكر، فأنا لا أوافق على ما تقول ولكني سأقف حتى الموت مدافعًا عن حقك في أن تقول ما تريد.

أما الذين يقولون لي إذا رأيت عبدًا نائمًا فلا توقظه لئلا يحلم بالحرية وأقول لهم إذا رأيت عبدًا نائمًا أيقظته وحدثته عن الحرية.

*لما تحمل دومًا عيناك نظرات الحزن؟
-في الحقيقة كنت أتصور أن الحزن يمكن أن يكون صديقًا لكنني لم أكن أتصور أن الحزن يمكن أن يكون وطنًا نسكنه ونتكلم لغته ونحمل جنسيته.

في النهاية نحن سعداء بهذا الحوار.. فماذا يقول جيفارا لثوار العالم الآن؟

أقول لهم أنت لست مهزومًا ما دمت تقاوم، ويجب أن يبقى الثوار يملأون العالم ضجيجًا كي لا ينام العالم بثقله على أجساد الفقراء، وتذكروا دائمًا أيها الثوار الوطن أو الموت سننتصر، وإن من يعتقد أن نجم الثورة قد أفل فإما أن يكون خائنًا أو متساقطًا أو جبانًا، وخير لكم أن تموتوا وأنتم واقفون مرفوعي الرأس، من أن تموتوا وأنتم راكعون.
الجريدة الرسمية