رئيس التحرير
عصام كامل

سقوط المشروع الإخوانى


يمكننا أن نقرر، مع قدر كبير من تغليب الرأى، أن المشروع السياسى الإخوانى قد سقط فعلياً فى مصر وتونس، فبعد أن كانت جماعة الإخوان تعتمد على قوة التأييد الشعبى وحسابات الصندوق فى مرحلة الصعود السياسى لسدة الحكم اعتماداً على مفهوم الحركة الدعوية لحسن البنا؛ نراهم يعتمدون الآن على سطوة السلطة وفرض الأمر الواقع بعد أن انحصر هذا التأييد عنهم نتيجةً لأدائهم السياسى الإقصائى السيئ، ففقدوا وقود الاستمرار ومصداقية الخطاب وأساس الشرعية الوطنية.

لقد اعتقدوا أن فرض الحل الإسلامى، كما يرونه، إنما يأتى من قمة هرم السلطة فكانت حركتهم سياسية وليس كما رأى حسن البنا أنه يتحقق بالعمل على توسيع القاعدة الشعبية المطالبة به الذى يضمن الإصلاح التدريجى فى المجتمع، فكانت حركته دعوية فى أساسها لا تعمل بالسياسة، ورأى الإخوان الجدد أن تلك الحركة الدعوية للبنا لم تنجح فى تغيير المجتمع كما أرادوا، فاتخذوا من منهج سيد قطب بحركته القطبية التكفيرية طريقاً لمحاولة فرض الأمر الواقع على الوطن عنوة، فواجهوا كل قوى المجتمع الوطنية فى صراع المغالبة والأخونة، فما بين دعوة حسن البنا بين أبناء الوطن وهجمة سيد قطب ضد فكرة الوطن وقعت الجماعة فى مأزقها وخطأها الاستراتيجى التاريخى باستلابها السلطة أثناء الثورة والدخول فى المعترك السياسى المشتعل والتعاطى، بالاتفاق والتمرير مع المصالح الأمريكية فى المنطقة فى ظروف اقتصادية واجتماعية بالغة السوء، ففى أكثر المراحل التاريخية حساسية فى تاريخ مصر والمنطقة وبهيكل تنتظم كوادره على أساس السمع والطاعة دون خبرة سياسية أو رؤية اقتصادية تصدروا المشهد السياسى، بينما لم يستطعوا أن يخرجوا من ضيق عباءة الجماعة إلى رحابة فكرة الوطن الجامعة.
فعلى العقلاء من أفراد الجماعة، الذين يمثلون المنهج الدعوى الأصلى لحسن البنا التحرك سريعاً نحو تصحيح مسارها وعودتها إلى أصل دعوتها بعيداً عن السياسة والسياسيين وإخراجها من مأزقها قبل فوات الأوان، وإلا ستواجه الجماعة انهياراً سياسياً مروعاً ظهرت تباشيره فى الأفق القريب لو استمر المنهج القطبى التكفيرى مهيمناً عليها.


الجريدة الرسمية