رئيس التحرير
عصام كامل

نريد رئيسًا نحاسبه


البعض كان يتصور أو يأمل أن يصل عدد المشاركين بالتصويت في انتخابات الرئاسة إلى ٤٠ مليونًا، بسبب الشعبية التي يتمتع بها المشير السيسي.. أعتقد أن هبوط هذا العدد إلى ٢٥ مليونًا كان نتيجة لعدم امتلاك ماكينة الحشد التي كان يتميز بها فيما مضى الحزب الوطنى والإخوان.. والمعنى أن خروج المصريين في هذه الانتخابات، كان طواعية واختياراً ودون «محفزات» أو «تسهيلات».. لذا، أستطيع أن أقول إنها أنزه انتخابات عرفها المصريون.. والحقيقة أن بعض الإعلاميين أصابهم نوع من «الهوس»، وكان حديثهم طيلة الوقت مستفزًا لقطاع عريض من الشعب، وهو ما أثر سلباً في إقبال الناخبين على التصويت.. اكتساح السيسي بهذا الشكل هو دليل واعتراف من هذه الملايين بالدور الذي قام به..لكنها، في الوقت ذاته تهمس في أذنه قائلة: أن تكون أخانا وحبيبنا شيء، وأن تكون رئيسنا شيء آخر.

فمعذرة، نرجو أن تكون الأمور واضحة من البداية.. وليس معنى هذا أننا - كشعب - ناكرون للجميل، أو قليلو الأصل، لا سمح الله..أو أننا غيرنا رأينا فيك، أو أن حبنا لك قد انتقص..أبدا أبدا.. فقدرك عندنا محفوظ تماما؛ لكن يا سيادة المشير، سوف ننظر إليك من الآن فصاعدًا على أنك رئيس أجير عندنا، إن أحسن حملناه فوق رءوسنا، وإن أساء - ولم يكن عند حسن ظننا - خلعناه.. سوف نحاسبك وننتقدك.. بل نغلظ عليك إذا رأينا منك تقصيرا.. لقد أعطيناك أصواتنا، لكنها ليست شيكًا على بياض.

وافر التحية لحمدين صباحى الذي خاض معركة الانتخابات بشرف ورجولة، مع أن كل ما حوله من ممارسات ومظاهر كان يوحى، بل يقطع بعدم فوزه.. كان قبول حمدين لخوض المنافسة ضروريا..فالرجل عاش دائمًا تحت الضوء، وعدم تقدمه للمنافسة يعنى تواريه إلى الظل، وهو شيء يتنافى مع طبيعة السياسي.. حمدين صاحب فكر، والفكر يحتاج إلى الشمس والهواء كى ينمو ويزدهر، ويعرفه الناس.. وتواريه إلى الظل يحجب عنه كل ذلك.. ثم هي فرصة كبيرة -قد لا تتاح مستقبلا - للتسويق والترويج لفكره الذي آمن به وأخلص له..فلم يضعها؟ إذا، فقد ربح حمدين، وربح من معه.. البذور التي وضعها في التربة، سوف تنبت يوما ما.. ربما غدًا، أو بعد غد..لا يهم أن يجنى ثمرة جهده اليوم، بل في المستقبل.. المهم أن يتولى رعايتها والمحافظة عليها.
الجريدة الرسمية