رئيس التحرير
عصام كامل

هيبة الدولة


واحدة من الأكاذيب التي شاعت في حياتنا من أعداء ثورة يناير. ورغم أن ثورة يناير قامت احتجاجا على دولة بلغت هيبتها أعلى درجاتها متمثلة في كل أشكال النهب المنظم لثروات البلاد، وسجن وقهر كل من يعترض على ذلك، إلا أن كل أعداء ثورة يناير الذين صاروا يملأون المشهد الآن في الحكم وخارجه يقولون ذلك كل يوم في الإعلام والأحاديث والصحف. هيبة الدولة في نظرهم أن تكون مطيعا تسمع الكلام. لا تبدي رأيك ولا تعترض ولا تخرج في مظاهرة ولا تطالب بحقك وأن تمشي جوار الحائط مما لم يحدث إلا في النظم العبودية والإقطاعية التي أيضا صارت عبرة في التاريخ بالثورات التي قامت عليها وأدخلتها متحف النسيان.



لا نسمع أحدا من هؤلاء يقول إن هيبة الدولة أن تكون هي نفسها الدولة بكل مؤسساتها في خدمة الشعب وتطلعاته وأمانيه. وأن تترك له الباب مفتوحا ليصل إلى مراكزها بمواهبه بلا وساطة ولا توريث ليقوم بدوره في عمل الدولة وصياغة شكلها. هيبة الدولة كما تراها هذه الحكومة التي ستستمر مع المشير السيسي في حالة نجاحه كما تقول كل المؤشرات هي التي جعلتها تصدر قانون منع التظاهر تحت شعار تنظيم التظاهر فانتهى الأمر بالآلاف في السجون لا علاقة لهم بالإرهاب ولا حتى الإخوان المسلمين.


هيبة الدولة كما يراها هؤلاء الذين سيستمرون مع المشير السيسي إذا جاء إلى الحكم هي التي جعلتهم يصدرون هذا القانون غير الدستوري الذي كان أحد الأسباب الكبرى لاستمرار المظاهرات فنصف من يخرجون بها الآن قبض على إخوتهم وأهاليهم بلا سبب.


هيبة الدولة هي التي جعلت الدستور الذي ناضلنا من أجله حبرا على ورق من أول شهر على صدوره. هيبة الدولة هي التي جعلت هذه الحكومة التي ستستمر مع المشير السيسي أو حتى رئيسها ووزاراتها الكبرى إذا جاء إلى الحكم تصدر قانونا بتحصين عقودها في بيع أملاك الدولة التي هي أملاك الشعب للمستثمرين دون أي اعتراض من الشعب وهي تعرف أنها تضرب الدستور وتعرف أن إغلاق باب الاعتراض على مثل هذه العقود يتم تلقائيا إذا كانت صحيحة، بل ويدفع من يرفع قضية على عقد صحيح تكلفة القضية وتحفظ القضية في المحكمة وينتهي الأمر.


لكن هيبة الدولة شعار يكتم أنفاسك على بيع أملاكك –الشعب طبعا- وإلا فأنت عدو لهيبة الدولة. هيبة الدولة هي التي جعلت رجال الداخلية يقومون بفض اعتصامات وإضرابات العمال رغم أنها موجهة لملاك المصانع الذين يبخسون حقهم في الحياة الكريمة وفي كل الدول المحترمة تلتزم الدولة الحياد بين العمال ورجال الأعمال حتى يحلون مشاكلهم فالدولة ليست خصما لأي منهما على حساب الآخر. هيبة الدولة هي الأكذوبة التي راجت للقضاء على ثورة يناير. ولم يتعظ أحد مما جرى لحسني مبارك ولا حتى مما جرى لمحمد مرسي الذي ابتدأ مبكرا في الكذب وأصدر إعلانا دستوريا يجعله فوق القانون حفاظا على هيبة الدولة.


للأسف استمر الأمر ومستمر حتى الآن فيما تفعله الحكومة، وللأسف في أحاديث السيد المشير التي تطلب من الشعب الهدوء وترك الأمر له للنهوض بالبلاد وتحقيق الأحلام التي ستقوم بها الدولة التي نرى حكامها أمامنا وما يفعلون. للأسف وصل اصطلاح هيبة الدولة بالزخم الإعلامي الكاذب إلى البسطاء ورأوه حلا والذين روجوا لذلك يعرفون أنه لم يتسبب في خراب مصر إلا دولة تسعى لهيبة دون الشعب الذي أوصلها للحكم.
ibrahimabdelmeguid@hotmail.com
الجريدة الرسمية