رئيس التحرير
عصام كامل

النص الحلو من «هيبة الدولة»!


تٌعرِّف قواميس اللغة الهيبة بأنها المهابة، والمخافة والإجلال، وإذا ما نظرنا للكلمتين معا فإن المعنى هو إجلال ومخافة «الدولة»، لكن من الذي عليه الخوف من هذه الدولة؟ بالطبع كل مخالف للقانون، هيبة الدولة تعني أن يرتعد المجرمون والخارجون عن القانون والمتلاعبون بأقوات الناس.. وأصحاب الشر عليهم أن يخافوا من «الدولة»، فللدولة أدواتها ومؤسساتها وسياساتها لكي تحقق بها هيبتها.. ماذا عن البسطاء والملتزمين بالقانون وشرفاء المواطنين وعامة الناس؟ هناك مثل يتداوله البسطاء يقول: «من ليس له أهل الحكومة أهله»، وأظنه أكبر إجابة عن السؤال السابق، فهيبة الدولة المقصود منها بالأساس توفير الأمن والحماية والرعاية لهؤلاء البسطاء والعامة والشرفاء والمسالمين، فيكون سيف «هيبة الدولة» هو الدرع الحامي للناس من الإرهاب والبلطجة واللصوصية والتلاعب بأقوات الناس ومصائرهم والاعتداء على ممتلكات الدولة وغيره من الأمور.

لكن هناك جانبا آخر أيضا يغيب عن الكثيرين في مفهوم «هيبة الدولة»، هناك «نص حلو» من هيبة الدولة يبدو غائبا في المعادلة، فأحيانا يلتبس الأمر على بعض الأشخاص الذين يُنفِّذُون ويمثلون «هيبة الدولة» في المجتمع، فيظنون أن طريق «هيبة الدولة» طريق واحد فقط، (رايح ليس به جاي)، وهو من منظوري خطأ ربما يهدد الدولة نفسها، فهيبة الدولة يجب أن تعمل في الناحيتين، أقصد يجب أيضا أن تعمل في اتجاه «المسئولين»، فإنني أتمنى أن تكون «هيبة الدولة» لها تأثيرها على أي موظف حكومي في أي موقع سواء كان كبيرا أو صغيرا، هو أيضا يعمل ألف حساب لهيبة الدولة، فيخاف ويرتعد من الفساد والرشوة والأداء السيئ، وتكون هذه الهيبة هي أيضا سيفا مسلطا على رقبته يدفعه للأداء بالأمانة الموكلة إليه، ويدفعه للارتعاد من ارتكاب أي ظلم أو جريمة أو فساد أو إفساد أو محاباة أو تمييز؛ فيجدر أن يكون لدى الدولة من الآليات ما يـُمكِّنها من تطبيق هيبتها أيضا على أجهزتها نفسها.

النص الحلو من «هيبة الدولة» أن يكون لدى كل مواطن القناعة بأنه قادر في حالة ما إذا حصل أي تجاوز أو مخالفة للقانون من أي موظف كبر أو صغر في هذه الدولة، أن يعلم أنه قادر على أن يأخذ حقه ويجد من خلال الآليات والسياسات من يرفع الظلم عنه، من يوقف التجاوزات والاعتداءات التي قد تقع عليه ليس بسبب الفساد فحسب، بل أحيانا بسبب ضيق أفق وقلة كفاءة موظف هنا أو أهناك، أعتقد لو اكتمل لم شمل «هيبة الدولة» بنصها الحلو بحيث يخشاها كل من المواطن والمسئول في حالة المخالفة والخطأ، لو حدث هذا لاستمسكت واستعصمت بها غالبية الشعب المصري، ولرفض الموروث الشعبي مصطلحات مثل (الفهلوة، والشطارة، والجدعنة) وغيرها مما يتم توظيفه بشكل خاطئ ضد الدولة وضد المواطنين أنفسهم ومصلحتهم أحيانا.
الجريدة الرسمية