رئيس التحرير
عصام كامل

مأساة "بسنت" في محكمة الأسرة: زوجى طلقنى لعدم إنجابى "ولد".. فعاقبه الله بخيانة زوجته الثانية مع نجل أخته.. تبرأ من بناته الأطفال قائلا "خلفة عار".. والآن يسعى لخفض النفقة لأقل من "400 جنيه"

محكمة الأسرة - صورة
محكمة الأسرة - صورة أرشيفية

في ركن هادئ بإحدى قاعات محكمة الأسرة بمصر الجديدة، جلست "بسنت" شاردة الذهن تلتقط أنفاسها بحساب، متوارية عن الأنظار، كأنها تريد ألا يشعر أحد بوجودها، وذلك قبل مرافعة الجلسة التي تنظر دعوى خفض النفقة التي رفعها طليقها ضدها.


المأساة.. خلفة البنات عار !!

مأساة "بسنت" صاحبة الـــ33 عامًا تتلخص - حسب روايتها - في أن زوجها تركها لأنها لم تنجب له "ولى العهد"، وتبرأ من بناته لأنهن في عرفه وعرف عائلته ذات الأصول الصعيدية، "وصمة عار" عليه التخلص منها -حسب قولها – ورفض أن يمنحها حقوقها كاملة، والآن يسعى لخفض نفقة صغارها التي لاتتجاوز الـ400 جنيه، حسبما قضت بها المحكمة، رغم يسر حاله.

"كل ذنبى أنى خلفتى كلها بنات".. كلمات بدأت بها بسنت رواية معاناتها لــ"فيتو"، متابعة: "ذقت المرار وعشت في جحيم، وتعرضت لأقصى درجات التعذيب البدنى والنفسى أنا وبناتى، كأنى ارتكبت جريمة، لأنى لم أنجب ولدًا، رغم أن الأمر بيد الله، فهو الذي يهب الإناث لمن يشاء، ويهب الذكور لمن يشاء، لكن البشر خلت من قلوبهم الرحمة، ولاتزال الأعراف البالية تحكم بأن الولد سند، والبنت عار لابد التخلص من وصمته، تسيطر على عقول بعضهم، وللأسف حظى العثر أوقعنى في رجل من هذه النوعية، رجل متجرد من كافة معانى الإنسانية، احتسب فلذات أكباده في عداد الأموات لمجرد أنهن بنات، وأعماه الكرة لدرجة أنه كاد أن يتسبب في مقتل إحداهن ذات مرة، بسبب قطعة بسكويت رغبت الصغيرة أن تضعها في كوب الشاى، فأمسك بها ورفعها لأعلى، ثم ألقاها على الأرض، فاقدة الوعى وعاجزة عن التنفس".


قصة الزواج

الزوجة الثلاثينية تعود بذاكرتها للوراء لتستعيد سنوات الألم والعذاب، بصوت تملأه الحسرة: "تعرفت عليه عن طريق طبيب العائلة، كان عمرى لايتعدى الـ20عامًا، وهو في الثلاثين من عمره كما أوهمنا حينها، لكن الحقيقة التي اكتشفتها بعد الزواج، أن عمره كان ضعف عمرى وقتها، والعريس المحترم، كان يخفى آثار تقدم عمره بالصبغة، وسبق له أن تزوج مرتين ولم ينجب أطفالًا، وللأسف غلطتى أنى قبلت به رغم فارق السن الكبير بيننا، لكنى كنت مضطرة بسبب ضغوط أهلي الذين اعتبروه العريس المناسب، حيث يمتلك عمارة ومكتبى محاماة، وسيوفر لى مستوى معيشة مناسب، يتناسب مع مستواى المادى والاجتماعى، فأنا أنتمى إلى عائلة ميسورة الحال".


ابتسامة حزينة

ترتسم على وجهها ابتسامة تخفى وراءها حزنًا دفينًا، وتتابع: "لم ينسَ يومًا فارق السن بيننا، فكل مايحدث حوله يذكره بذلك الفارق، نظرات الناس وكلماتهم التي ترن في أذنيه بين الحين والآخر "ربنا يخليلك بنتك يا أستاذ"، "والدك بيخاف عليكِ يا آنسة"، عجزه عن القيام بواجباته الزوجية، وكان يقول لى: "احمدى ربنا هو ده اللى موجود"، كنت أحترق بنار الشوق بعد كل لقاء، لكن لمن أشتكى حالى، ورغم ذلك ظللت مخلصة له، وعندما أصيب بمياه سرطانية على ركبته، لم يقف أحد بجواره سواى، وكنت أحمله على يدى، وأذهب به للمستشفى، رغم أن إخوته يعيشون معنا بنفس العمارة".

هوس إنجاب الذكور

الزوجة الثلاثينية تقول: "هوسه بإنجاب ولد تملكه لدرجة الجنون، تعبيرات وجهه عندما بشره الدكتور بأنه رزق ببنت لاتغيب عن بالى أبدًا، وقوله حينها: "خلى والدتك تدفع مصاريف المستشفى" لايزال صداه يتردد في أذنى، ومنظره وهو يجردنى من مصوغاتى ويطردنى في منتصف الليل حاملة ابنتى الرضيعة على كتفى، وتركه لى سنة ونصف في بيت أهلي دون سؤال أو مال بعد إنجاب ابنتى الثانية، كلها مشاهد تقتلنى كل ليلة بالبطىء".


تلتقط أنفاسها وتمسح دموعها ثم تكمل: "كنت أتعجب من موقفه، غيره كان يحمد الله أنه رزقه بطفل بعد زيجتين فشل خلالهما في الإنجاب، ومع ذلك رضيت أن يتزوج بأخرى، لعله يبتعد عنى، ويتركنى أربى بناتى، وفعلا تزوج بأخرى في نصف عمره تقريبًا، وهجرنى تماما، لكن سبحان الله فشل في الإنجاب منها بالطرق الطبيعية، فلجأ للحقن المجهرى، وأنجب الولد الذي طالما حلم به، لكن شاء القدر أن ينتقم منه، واكتشف أن زوجته تخونه مع ابن اخته، وضبطها بنفسه، لكنها عايرته بسنه وضعفه، وأنه لايلبى متطلباتها وهى لاتزال صغيرة، لكنه سامحها وغض بصره عن خيانتها، لمجرد أنها أم الولد، فوجئت به يحكى لى مافعلته معه زوجته وأنه سامحها من أجل عيون ولده، ثم طلب منى أن أعود له، وأن نعيش في شقة مكونة من حجرة وصالة، رفضت عرضه، ورفعت قضية طلاق، ونفقة، والمحكمة حكمت لى بـ400 جنيه فقط، وحاليا رفع دعوى تخفيض نفقة".

حياة مرعبة

تحاول أن تتمالك بسنت، الشابة الثلاثينية، نفسها وتختتم حكايتها، قائلة: "أنا نفسى يبتعد عنى، ويتركنى في حالى، أنا عايشة في رعب، لأنه يحاول بشتى الطرق أن يسوئ سمعتى، فتارة يرسل لى رجالًا من جانبه تنتظرنى تحت مقر عملى لتعاكسنى أو تعرض على زواجًا عرفيًا، لدرجة أنى تركت عملى واحتجبت في بيتى ولم أعد أرى الشارع إلا للضرورة، وتركت له شقتى رغم صدور حكم من المحكمة بتمكينى منها، لأنى خفت أن يؤجر "بلطجى" ليتهجم على، أنا وبناتى ليلا، خاصة أنه قسم الشقة ولم يحاسبه أحد، والقسم رفض إثبات الحالة".


الجريدة الرسمية