رئيس التحرير
عصام كامل

في رحاب صاحبة الجلالة كانت لنا أيام (1)

للأشخاص كما للدول أمجاد وأيام تاريخية، تمثل قمة العطاء والتوهج، وقد كانت لى في دار التحرير (جريدة الجمهورية) مسيرة عطاء ونجاح، مارست خلالها كل فنون العمل الصحفي والإداري، حتى ترقيت لأعلى المناصب؛ رئيسًا لمجلس إدارة المؤسسة ورئيسًا لتحرير كتاب الجمهورية.


وخلال تلك المسيرة لم تنقطع علاقتي بالعلم، تقديرًا لدوره وإيمانًا بأهميته في حياة الأفراد والشعوب، بحسبانه وسيلة للترقي والنهضة، وكانت ولا تزال قناعتى الراسخة أن الجامعات ومراكز الأبحاث بمثابة بيوت خبرة بحسبانها مراكز تفكير تطرح كل جديد في شتى المجالات، تقدم الرأي والمشورة لمن يطلبها من صناع القرار ولمختلف الهيئات، ويمكنها بهذا المعنى أن تسهم في تطوير مختلف المؤسسات من منظور علمى يقوم على البحث والفحص والاستنتاج.

تطوير أداء الصحفيين

وإيمانًا بهذا الدور الوطنى المهم فقد طلبت، أثناء رئاستى لمجلس إدارة مؤسسة دار التحرير للطبع والنشر(الجمهورية) من عميدة كلية الإعلام بجامعة القاهرة آنذاك الدكتورة ليلى عبدالمجيد (وهي بالمناسبة إبنة دفعتى) أن تقدم دراسة علمية لتطوير إصدارات المؤسسة لتحويل المحن إلى منح وفرص واعدة للنمو والازدهار، فقد كنا مشغولين بتفاصيل العمل الصحفي والمنافسة مع سائر المؤسسات، بينما الجامعة مكان لإنتاج الأفكار وحل المشكلات بطريقة علمية منظمة وهادئة وهادفة..

 

وقد استجابت الدكتورة ليلى عبد المجيد مشكورة لما طلبت، وتولى فريق علمى مهمة دراسة إصدارات دار التحرير، كلٍ على حدة، لوضع خارطة طريق للانطلاق بها على طريق الانتشار ومزيد من التوزيع.. وقد شارك في إعداد تلك الدراسة الراحل الدكتور محمود علم الدين أستاذ الصحافة بإعلام القاهرة والدكتورة نجوى كامل الوكيل السابق للكلية..  

 

وخلصت الدراسة إلى عدة توصيات تم تنفيذها عمليًا، وأثمرت تطورًا ملحوظًا لإصدارات المؤسسة؛ توزيعًا وانتشارًا وتأثيرًا.. ولم يتوقف التعاون عند هذا الحد بل تم الاتفاق على تطوير أداء الصحفيين بالدار عبر برنامج أكاديمى لدراسة الماجستير بمنحة مشتركة من إعلام القاهرة ومؤسسة دار التحرير، مع تحمل من يرغب من العاملين جزءًا من تكاليف تلك الدراسة، وقد تخرج بالفعل عدد من أبناء المؤسسة وحصلوا بالفعل على ماجستير في الإعلام والصحافة من كلية الإعلام بجامعة القاهرة.


ولم تكن تلك هي المحاولة الأولى التي لجأت دار التحرير للاستعانة ببيوت خبرة مشهود لها بالكفاءة والجدارة لتطوير المؤسسة؛ فقد سبقتها محاولة جادة قامت بها مؤسسة حازم حسن وقدمت خلالها دراسة قيمة لإعادة هيكلة دار التحرير وتطوير أدائها المالى والإداري، وتعظيم استغلال أصولها لتنمية مواردها  وزيادة دخولها..   

 

ولا أدرى هل تجددت محاولات الاستعانة بكليات الإعلام في الجامعات المصرية لتطوير أداء المؤسسات الصحفية القومية التي باتت في منافسة شرسة مع السوشيال ميديا والإعلام غير التقليدي، الذي يستطيع كل من يملك هاتفًا ذكيًا ومحتوى جاذبًا أن يكون منافسًا لا يستهان به في صناعة الإعلام والصحافة والتأثير بقوة في الرأي العام.


ولا أدرى أين ذهبت دراسة حازم حسن الخاصة بمؤسستنا دار التحرير.. وهل يمكن البناء عليها لإحداث مزيد من التطوير والتحديث للأداء المالى والإداري للمؤسسة، وإستثمار تاريخها العريق الذي أرجو أن تسعى القيادات الجديدة للمؤسسة والإصدارات المختلفة للاستفادة من تلك التجارب وتحديثها.. 

في ظل قيادة رشيدة للهيئة الوطنية للصحافة ممثلة في المهندس عبدالصادق الشوربجي.. الذي لا يدخر جهدًا في دعم الصحف القومية للنهوض بدورها في التنوير والتوعية، ولا يبخل عن مساندتها للتخلص من مشاكلها المتراكمة والانطلاق على طريق المنافسة والتطور..  

 

 

نتمنى أن تستثمر القيادات الجديدة للصحف تلك الأجواء المحفزة لاستثمار الطاقات والأصول للحفاظ على تلك المؤسسات العريقة..  والسؤال هنا: لماذا لا تستفيد صحافتنا وإعلامنا من كليات الإعلام!

الجريدة الرسمية