رئيس التحرير
عصام كامل

ما حكم من مات غنيًا ولم يحج؟، الإفتاء تجيب

حكم من مات غنيًا
حكم من مات غنيًا ولم يحج، فيتو

أحكام الحج، ورد سؤال إلى دار الإفتاء يقول “هل يجبُ الحجُّ بمجرد وجود الاستطاعة، أم يجوزُ التأجيل؟ وما حكمُ من مات غنيًّا ولم يؤدِّ فريضةَ الحج؟”.

حكم من مات غنيًا ولم يحج

وأجابت دار الإفتاء بما يلي: 

اتَّفق الفقهاءُ على أنه إذا أوصى بالحج قبل موته وكان له ترِكَةٌ فإنه يُحَجُّ عنه، فيُحَجُّ عنه مِن ثُلُث المال على ما ذهب إليه الحنفيَّة والمالكيَّة؛ قال العلامة الكاساني الحنفي في "بدائع الصنائع في ترتيب الشرائع" (2/ 222): [وإن مات عن وصيَّة لا يسقطُ الحجُّ عنه، ويجبُ أن يُحَجَّ عنه؛ لأن الوصيَّةَ بالحج قد صحَّتْ.. ويُحَجُّ عنه من ثُلُث ماله، سواء قيد الوصية بالثلث بأن يحج عنه بثلث ماله، أو أطلق بأن أوصى أن يُحَجَّ عنه، أمَّا إذا قيد فظاهر، وكذا إذا أطلق؛ لأنَّ الوصيَّةَ تنفذُ من الثلث] اهـ.

وقال القاضي عبد الوهاب البغدادي المالكي في "الإشراف على نكت مسائل الخلاف" (1/ 458، ط. دار ابن حزم): [إذا مات قبل أن يحُجَّ، لم يلزم الحجُّ عنه من رأس ماله ولا من ثلثه إلا أن يوصِيَ بذلك، فيكون ذلك في ثلثه] اهـ.

وذهب الشافعية والحنابلة إلى أنه يُحَجُّ عنه من جميعِ التركة، ولم يفرقوا بين ما إذا أوصى أو لم يوصِ؛ قال الإمام النووي الشافعي في "المجموع شرح المهذب" (7/ 110): [وإن مات بعد التمكُّن من أداء الحج، بأن مات بعد حج الناس استقرَّ الوجوبُ عليه، ووجب الإحجاجُ عنه من تركته] اهـ.

حكم من مات غنيًا ولم يحج، فيتو

شروط الاستطاعة في الحج

وقال العلامة ابن قدامة المقدسي الحنبلي في "المغني" (3/ 233): [متى تُوُفي مَنْ وجبَ عليه الحَجُّ ولم يحُجَّ، وجَبَ أن يُخْرَجَ عنه من جميعِ ماله ما يُحَجُّ به عنه ويُعْتَمَر، سواء فاته بتفريطٍ أو بغيرِ تفريط. وبهذا قال الحسنُ، وطاوسٌ، والشافعي. وقال أبو حنيفة ومالك: يسقط بالموت، فإن وصَّى بها فهي من الثلث، وبهذا قال الشعبي والنخعي] اهـ.

إلا أنهم اختلفوا فيما إذا مات ولم يوصِ بالحج عنه، هل يجب الحج عنه أو لا؟

فيرى الحنفيَّة والمالكيَّة أن الحجَّ لا يتعلَّقُ بالتركة؛ فإن أوصى بالحج عنه قبل الموت حُجَّ عنه من الثلث، وإن مات ولم يوصِ تسقط عنه الفريضةُ من الأمور الدنيوية، فلا تتعلَّق بالتركة مع أنه مؤاخَذٌ بها في الآخرة، وعلَّلوا ذلك بأنها عبادةٌ بدنيَّةٌ تسقطُ بالموت كالصلاة.

قال شمس الأئمة العلامة السرخسي الحنفي في "المبسوط" (27/ 146، ط. دار المعرفة): [فنقول فيما يجب حقًّا لله تعالى خالصًا كالزكاة والحج لا يصير دينًا في التركة بعد الموت مقدَّمًا على الميراث؛ ولكنه ينفذُ من الثلث إن أوصى به كما ينفُذُ بسائرِ التبرُّعات، وإن لم يوصِ به فهو يسقطُ بالموت في أحكام الدنيا، وإن كان مؤاخذًا في الآخرة بالتفريط في الأداء بعد التمكُّن منه، وعلى قول الشافعي يصير ذلك دَينًا في تركته مقدَّمًا على الميراث، أوصى به أو لم يوصِ] اهـ.

وقال القاضي أبو محمد عبد الوهاب بن علي بن نصر البغدادي المالكي في "الإشراف على نكت مسائل الخلاف" (1/ 458): [إذا مات قبل أن يحُجَّ، لم يلزم الحجُّ عنه من رأس ماله ولا من ثلثه إلا أن يوصيَ بذلك، فيكون ذلك في ثلثه] اهـ.

فذلك لأنهم يرون أن العباداتِ لا ينوبُ فيها أحدٌ عن أحد، فلا يصلي شخصٌ عن آخرَ، واستدلوا كذلك بقوله تعالى: ﴿وَأَنْ لَيْسَ لِلْإِنْسَانِ إِلَّا مَا سَعَى﴾ [النجم: ٣٩]، فقالوا: إن من أَمَر بالحج عنه، أو أَوْصى به، فإنه يكونُ له فيه سعْيٌ.

ويرى الشافعية والحنابلة أن الحجَّ لا يسقطُ عنه بالموت، ويجبُ قضاؤه من تركته، سواء أكان قد أوصى بذلك أم لم يوصِ، وعلى ذلك فيَلْزَمُ وارثَه أن يحُجَّ عنه من تركته، أو يستأجرَ من يحُجُّ عنه إن كان له تركة؛ لأنه حقٌّ استقَرَّ عليه تدْخُلُه النيابةُ، فلم يسقطْ بالموت كالدَّيْن، وأنه بخلافِ الصلاة؛ فإنها لا تدْخُلُها النيابةُ.

قال الإمام النووي الشافعي في "المجموع شرح المهذب" (7/ 110): [فلو استقَرَّ عليه الحجُّ ومات ولم يحج ولا تركَةَ له، بقي الحجُّ في ذِمَّته، ولا يلْزَمُ الوارثَ الحجُّ عنه، لكن يستحبُّ له، فإن حجَّ عنه الوارثُ بنفسه أو استأجر من يَحُجُّ عنه سقطَ الفرضُ عن الميت سواء كان أوصى به أم لا] اهـ.

وقال العلامة ابن قدامة المقدسي الحنبلي في "المغني" (3/ 233): [متى تُوُفي مَن وجب عليه الحج ولم يحج، وجب أن يُخْرَجَ عنه من جميعِ ماله ما يُحَجُّ به عنه] اهـ.

بناءً على ذلك: فعلى المستطيعِ للحج ماليًّا وبدنيًّا المبادرةُ والتعجيلُ إلى ذلك على سبيلِ النَّدْبِ والاستحباب، فإن غلب على ظنِّه السَّلامةُ والاستطاعةُ بعد ذلك، جاز له تأخيرُه ولا إثْمَ عليه، وإن أدَّاه وقع أداءً لا قضاءً، ويتضيق هذا الوجوب بسبب غلبة الظن بالموت بظهور المرض أو الهَرَم.

أما من كان مستطيعًا وماتَ قبل أدائه فلا يخلو من أن يكونَ قد مات عن وصيَّةٍ وله ترِكَةٌ؛ فيُحَجُّ عنه وجوبًا من ثُلُث ماله على ما ذهب إليه الحنفيَّة والمالكيَّة، ومن جميعِ ماله على ما ذهب إليه الشافعيَّةُ والحنابلةُ.

أو يكون قد مات من غير وصيَّةٍ وكان له ترِكَةٌ؛ فلا يلْزَمُ ورثَتَه الحجُّ عنه، بل يستحبُّ؛ خروجًا من الخلاف، ومثله من مات ولم يكن له تركَةٌ ولم يوصِ.

ونقدم لكم من خلال موقع (فيتو)، تغطية ورصدًا مستمرًّا على مدار الـ 24 ساعة لـ أسعار الذهب، أسعار اللحوم ، أسعار الدولار ، أسعار اليورو ، أسعار العملات ، أخبار الرياضة ، أخبار مصر، أخبار اقتصاد ، أخبار المحافظات ، أخبار السياسة، أخبار الحوادث ، ويقوم فريقنا بمتابعة حصرية لجميع الدوريات العالمية مثل الدوري الإنجليزي ، الدوري الإيطالي ، الدوري المصري، دوري أبطال أوروبا ، دوري أبطال أفريقيا ، دوري أبطال آسيا ، والأحداث الهامة و السياسة الخارجية والداخلية بالإضافة للنقل الحصري لـ أخبار الفن والعديد من الأنشطة الثقافية والأدبية.

الجريدة الرسمية